ومما يؤكّد الكفائية الآية الاولى بناء على كون «من» للتبعيض.
ثم انه إذا حصل الجزم بأحد الاحتمالين أخذنا به وإلاّ وصلت النوبة إلى الأصل العملي وهو يقتضي الكفائيّة ، للشك في توجّه التكليف بعد تصّدي البعض له.
لا يقال : ان الخطاب في البداية حيث هو متوجّه إلى الجميع ، فالشك عند تصدّي البعض له شك في السقوط ، وهو مجرى لقاعدة الاشتغال والاستصحاب.
فإنّه يقال : ان الخطاب في الكفائي في البداية وإن كان موجّها إلى كل فرد لكنه مشروط بعدم قيام الآخرين به.
وتظهر الثمرة بين الاحتمالين فيما لو تصدّى له من به الكفاية ولم يتحقق الغرض بعد ، فعلى الكفائيّة يسقط عن البقية بخلافه على العينية.
وهذه الثمرة إن تمّت فبها وإلاّ فتصوّر الثمرة بين الاحتمالين مشكل.
٣ ـ وأمّا تقييد المعروف ببلوغه حدّ الوجوب فلأنه بدونه يكون مستحبا والأمر به كذلك. وأمّا عدم تقييد المنكر فلعدم تصوّر ذلك فيه.
٤ ـ وأمّا عدم اختصاص الأمر والنهي بصنف ـ كالحاكم السياسي ورجال الدين ـ فلإطلاق الأدلّة وعدم المقيّد لها.
وقد يستدلّ على التقييد بالآية الاولى المتقدّمة وبقوله تعالى : ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (١).
ويرد الأول : ان الآية المتقدّمة أدلّ على العكس حيث وجّهت التكليف
__________________
(١) الحج : ٤١.