ومثال الثاني : موثقة زياد بن سوقة : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام : هل للرضاع حدّ يؤخذ به؟ فقال : لا يحرّم الرضاع أقلّ من يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها ، فلو ان امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وارضعتها امرأة اخرى من فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحهما» (١).
ولو كنّا نحن وصحيحة ابن رئاب مع صحيحة عمر بن يزيد لكنّا نجمع بينهما بتقييد صحيحة ابن رئاب الدالة على عدم الاكتفاء بعشر رضعات بحالة عدم التوالي بقرينة صحيحة عمر بن يزيد الا انه بعد ادخال موثقة زياد في الحساب يتحول التعارض الى التعارض المستقر ، حيث تدل موثقة زياد على عدم الاكتفاء بعشر رضعات حتى مع التوالي بخلاف صحيحة عمر بن يزيد حيث تدل على الاكتفاء بها مع التوالي.
ولا يمكن الترجيح من خلال الموافقة والمخالفة للتقية لان الجمهور يكتفي اما بمسمى الرضاع أو الرضعة الواحدة أو سبع أو خمس رضعات وليس القول بالعشر ـ فضلا عن الخمس عشرة رضعة ـ معروفا بينهم (٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٤ : ٢٨٣ الباب ٢ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ١.
(٢) قال الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الاربعة ٤ : ٢٢٨ : «ان الشافعية والحنابلة يقولون :
ان الرضاع لا يحرّم الا اذا كان خمس مرات ، والمالكية والحنفية يقولون : ان الرضاع يحرّم مطلقا قليلا كان او كثيرا ولو قطرة. وقد استدل الشافعية والحنابلة بما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان فيما انزل الله في القرآن ان عشر رضعات معلومات يحرّمن فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهنّ فيما يقرأ من القرآن».