اختلاف الأنظار في وجوب الترجيح ولزوم الاقتصار على المرجّحات المنصوصة
ولأجل اختلاف الأخبار، اختلفت الأنظار:
فمنهم من أوجب الترجيح بها، مقيّدين بأخباره إطلاقاتِ التخيير.
وهم بين من اقتصر على الترجيح بها (١)، ومَنْ تعدّى منها إلى سائر المزايا (٢)، الموجبة لأقوائيّة ذي المزيّة وأقربيّته - كما صار إليه شيخنا العلّامة (٣) ( أعلى الله مقامه ) -، أو المفيدةِ للظنّ، كما ربّما يظهر من غيره (٤).
قصور المقبولة والمرفوعة عن إفادة وجوب الترجيح
فالتحقيق أن يقال: إنّ أجْمَعَ خبرٍ للمزايا المنصوصة في الأخبار هو المقبولة والمرفوعة، مع اختلافهما وضعْفِ سند المرفوعة جدّاً (٥).
والاحتجاج بهما (٦) على وجوب الترجيح في مقام الفتوى لا يخلو عن إشكال ؛ لقوّة احتمال اختصاص الترجيح بها بمورد الحكومة، لرفع المنازعة وفصل الخصومة، كما هو موردهما (٧)، ولا وجهَ معه للتعدّي منه إلى غيره، كما لا يخفى.
__________________
(١) وهو ما يظهر من كلمات بعض المحدّثين. انظر الحدائق الناضرة ١: ٩٠.
(٢) وهو المنسوب إلى جمهور المجتهدين، كما في فرائد الأُصول ٤: ٧٥.
(٣) في فرائد الأُصول ٤: ٧٥ - ٧٨، وكذا صاحب الفصول في فصوله: ٤٤٣.
(٤) كالمحقّق القمّي في القوانين ٢: ٢٩٩ والسيّد الطباطبائي في مفاتيح الأُصول: ٦٨٨.
(٥) إذ لم يروها إلّا ابن أبي جمهور عن العلّامة ؛ مرفوعاً إلى زرارة. ( حقائق الأُصول ٢: ٥٦٦ ).
(٦) كذا في الأصل وطبعاته، والصواب: إفراد الضمير ؛ لاختصاص الإشكال - الذي ذكره بقوله: « والاحتجاج » - بالمقبولة، وأما المرفوعة فليس فيها ذكْر عن الخصومة ورفع المنازعة. انظر: منتهى الدراية ٨: ١٣٠ وكفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ٥: ١٧٣.
(٧) الحقّ: - على ما أوضحناه في التعليقة السابقة - إفراد الضمير ؛ ليرجع إلى المقبولة. انظر منتهى الدراية ٨: ١٣٢.