إشكالٌ آخر في خروج الظنّ القياسي عن النتيجة
نعم، لا بأس بالإشكال فيه في نفسه، كما اشكل فيه برأسه، بملاحظة توهّم استلزام النصب لمحاذير، تقدَّمَ الكلام في تقريرها - وما هو التحقيق في جوابها - في جعل الطرق (١). غاية الأمر، تلك المحاذير - الّتي تكون في ما إذا أخطأ الطريق المنصوب - كانت في الطريق المنهيّ عنه في مورد الإصابة.
ولكن من الواضح أنّه لا دخل لذلك في الإشكال على دليل الانسداد بخروج القياس ؛ ضرورة أنّه بعد الفراغ عن صحّة النهي عنه في الجملة، قد اشكل في عموم النهي لحال الانسداد بملاحظة حكم العقل. وقد عرفت أنّه بمكان من الفساد.
دفع ما ذكره الشيخ الأعظم في تقرير الإشكال
واستلزام إمكان المنع عنه - لاحتمال المنع عن أمارة أُخرى، وقد اختفى علينا - وإن كان موجباً لعدم استقلال العقل، إلّا أنّه إنّما يكون بالإضافة إلى تلك الأمارة، لو كان غيرُها ممّا لا يحتمل فيه المنع بمقدار الكفاية، وإلّا فلا مجال لاحتمال المنع فيها مع فرض استقلال العقل ؛ ضرورة عدم استقلاله بحكمٍ مع احتمال وجود مانعه، على ما يأتي تحقيقه في الظنّ المانع والممنوع (٢).
وقياس (٣) حكم العقل - بكون الظنّ مناطاً للإطاعة في هذا الحال - على حكمه بكون العلم مناطاً لها في حال الانفتاح، لا يكاد يخفى على أحدٍ فسادُه ؛ لوضوح أنّه مع الفارق ؛ ضرورة أنّ حكمه في العلم على نحو التنجّز، وفيه على نحو التعليق.
__________________
(١) في مبحث إمكان التعبّد بالأمارات في الصفحة: ٤٠ وما بعدها.
(٢) في الفصل القادم.
(٣) كما صنع ذلك في فرائد الأُصول ١: ٥٢٧.