نعم، يكون باب التعارض من باب التزاحم مطلقاً، لو كان قضيّة الاعتبار هو لزوم البناء والالتزام بما يؤدّي إليه من الأحكام، لا مجرّد العمل على وفقه بلا لزوم الالتزام به.

وكونهما من تزاحم الواجبين حينئذٍ وإن كان واضحاً ؛ - ضرورة عدم إمكان الالتزام بحكمين في موضوعٍ واحد من الأحكام -، إلّا أنّه لا دليل - نقلاً ولا عقلاً - على الموافقة الالتزاميّة للأحكام الواقعيّة، فضلاً عن الظاهريّة، كما مرّ تحقيقه (١).

وحكم التعارض بناءً على السببيّة - في ما كان من باب التزاحم - هو التخيير، لو لم يكن أحدُهما معلومَ الأهمّيّة أو محتملَها في الجملة، - حَسبما فصّلناه في مسألة الضدّ (٢) -، وإلّا فالتعيين.

وفي ما لم يكن من باب التزاحم هو لزوم الأخذ بما دلّ على الحكم الإلزاميّ، لو لم يكن في الآخر مقتضياً (٣) لغير الإلزاميّ، وإلّا فلا بأس بأخذه والعمل عليه ؛ لما أشرنا إليه - من وجهه - آنفاً، فافهم.

الإشكال على قاعدة « أنّ الجمع مهما أمكن أولى من الطرح »

هذا هو قضيّة القاعدة في تعارض الأمارات، لا الجمع بينها (٤) بالتصرّف في أحد المتعارضين أو في كليهما، كما هو قضيّة ما يتراءى ممّا قيل (٥) من

__________________

(١) في الأمر الخامس من مباحث القطع.

(٢) لم يتقدّم منه قدس‌سره في مسألة الضد تفصيل ولا إجمال من هذه الحيثيّة. ( نهاية الدراية ٦: ٢٩٧ ).

(٣) الصواب: « مقتضٍ » بدون الألف والياء، ليكون اسم « يكن ». ( منتهى الدراية ٨: ٩٠ ).

(٤) في منتهى الدراية: لا الجمع بينهما.

(٥) انظر عوالي اللآلي ٤: ١٣٦، وتمهيد القواعد: ٢٨٣.

۳۷۶۱