وأمّا استصحابها، بمعنى استصحاب بعض أحكام شريعةِ مَن اتّصف بها، فلا إشكال فيه (١)، كما مرّ (٢).

ثمّ لا يخفى: أنّ الاستصحاب لا يكاد يلزم به الخصم، إلّا إذا اعترف بأنّه على يقينٍ فشكّ، في ما صحّ هناك التعبّد والتنزيل ودلّ عليه الدليل، كما لا يصحّ أن يقنع به إلّا مع اليقين والشكّ، والدليلِ على التنزيل.

لا مجال لتشبّث الكتابي باستصحاب نبوّة موسى عليه‌السلام

ومنه انقدح: أنّه لا موقع لتشبّث الكتابيّ باستصحاب نبوّة موسى عليه‌السلام أصلاً:

لا إلزاماً للمسلم ؛ لعدم الشكّ في بقائها قائمةً بنفسه المقدّسة، واليقينِ بنسخ شريعته، وإلّا لم يكن بمسلم، مع أنّه لا يكاد يلزم به ما لم يعترف بأنّه على يقين وشكّ.

ولا إقناعاً مع الشكّ ؛ للزوم معرفة النبيّ بالنظر إلى حالاته ومعجزاته عقلاً (٣)، وعدمِ الدليل على التعبّد بشريعته، لا عقلاً ولا شرعاً، - والاتّكالُ على قيامه في شريعتنا لا يكاد يُجديه إلّا على نحوٍ محال -، ووجوب العمل بالاحتياط عقلاً - في حال عدم المعرفة - بمراعاة الشريعتين، ما لم يلزم منه الاختلال ؛ للعلم بثبوت إحداهما على الإجمال، إلّا إذا علم بلزوم البناء على الشريعة السابقة ما لم يعلم الحال.

__________________

(١) أثبتنا ما في منتهى الدراية نقلاً عن بعض النسخ. وفي الأصل وطبعاته: فيها. انظر منتهى الدراية ٧: ٦٧٤.

(٢) في التنبيه السادس، إذ قال: والشريعة السابقة وإن كانت منسوخة... إلّا أنّه لا يوجب اليقين بارتفاع أحكامها بتمامها. انظر الصفحة: ٢٤٣.

(٣) الأولى: « للزوم معرفة النبي عقلاً بالنظر إلى حالاته ومعجزاته ». ( منتهى الدراية ٧: ٦٧٩ ).

۳۷۶۱