ولا يكاد يُجدي في مثل وجوب المعرفة عقلاً أو شرعاً، إلّا إذا كان حجّةً من باب إفادته الظنّ، وكان المورد ممّا يكتفى به أيضاً.

فالاعتقاديّات (١) - كسائر الموضوعات - لابدّ في جريانه فيها من أن يكون في المورد أثر شرعيّ، يتمكّن من موافقته، مع بقاء الشكّ فيه، كان ذاك متعلّقاً بعمل الجوارح أو الجوانح.

لا مجال لاستصحاب النبوّة

وقد انقدح بذلك: أنّه لا مجال له في نفس النّبوّة، إذا كانت ناشئةً من كمال النفس بمثابةٍ يوحى إليها، وكانت لازمةً لبعض مراتب كمالها، إمّا لعدم الشكّ فيها بعد اتّصاف النفس بها، أو لعدم كونها مجعولة، بل من الصفات الخارجيّة التكوينيّة، ولو فُرض الشكّ في بقائها باحتمال انحطاط النفس عن تلك المرتبة، وعدمِ بقائها بتلك المثابة - كما هو الشأن في سائر الصفات والملكات الحسنة، الحاصلة بالرياضات والمجاهدات -، وعدمِ (٢) أثر شرعيّ مهمّ لها يترتّب عليها باستصحابها.

نعم، لو كانت النبوّة من المناصب المجعولة، وكانت كالولاية - وإن كان لابدّ في إعطائها من أهليّةٍ وخصوصيّةٍ يستحقّ بها لها - لكانت مورداً للاستصحاب بنفسها، فيترتّب عليها آثارها - ولو كانت عقليّة - بعد استصحابها، لكنّه يحتاج هناك إلى دليلٍ (٣) غير منوطٍ بها، وإلّا لدار، كما لا يخفى.

__________________

(١) في حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: فالاعتقادات.

(٢) معطوف على عدم كونها مجعولة، يراد من « الواو » معنى « مع » ؛ لأنّ عدم كونها مجعولة لا يكفي في المنع عن استصحابها إلّا مع عدم أثر شرعي لها. ( حقائق الأُصول ٢: ٥١٦ ).

(٣) أثبتنا العبارة من « ر »، وفي غيرها: يحتاج إلى دليل كان هناك.

۳۷۶۱