التنبيه السادس: استصحاب أحكام الشرائع السابقة
السادس:
لا فرق أيضاً بين أن يكون المتيقّن من أحكام هذه الشريعة أو الشريعة السابقة، إذا شكّ في بقائه وارتفاعه بنسخه في هذه الشريعة ؛ لعموم أدلّة الاستصحاب، وفسادِ توهّم (١) اختلال أركانه في ما كان المتيقّن من أحكام الشريعة السابقة لا محالة:
الإشكال على استصحاب الشريعة السابقة
إمّا لعدم اليقين بثبوتها في حقّهم (٢)، وإن علم بثبوتها سابقاً في حقّ آخرين، فلا شكّ في بقائها أيضاً، بل في ثبوت مثلها، كما لا يخفى.
وإمّا لليقين بارتفاعها بنسخ الشريعة السابقة بهذه الشريعة، فلا شكّ في بقائها حينئذٍ، ولو سلّم اليقين بثبوتها في حقّهم (٣).
الجواب عن الإشكال
وذلك لأنّ الحكمَ الثابتَ في الشريعة السابقة حيث كان ثابتاً لأفراد المكلّف، كانت محقّقةً وجوداً أو مقدّرةً - كما هو قضيّة القضايا المتعارفة المتداولة، وهي قضايا حقيقيّة -، لا خصوص الأفراد الخارجيّة - كما هو قضيّة القضايا الخارجيّة -، وإلّا لما صحّ الاستصحاب في الأحكام الثابتة في هذه الشريعة، ولا النسخُ بالنسبة إلى غير الموجود في زمان ثبوتها، كان الحكم في الشريعة السابقة ثابتاً لعامّة أفراد المكلّف، ممّن وُجد أو يوجد، وكان الشكّ فيه كالشكّ في بقاء الحكم الثابت في هذه الشريعة (*) لغير من وجد في زمان ثبوته.
__________________
(١) هذا ما توهّمه في الفصول: ٣١٥.
(٢) في هامش « ق » و « ش »: في حقّنا ( نسخة بدل ). انظر منتهى الدراية ٨: ٥٦٤.
(٣) في هامش « ق » و « ش »: في حقّنا ( نسخة بدل ).
(*) في كفاية اليقين بثبوته، بحيث لو كان باقياً ولم ينسخ لعمّه، ضرورة صدق: أنّه على يقين منه، فشكّ فيه بذلك، ولزوم اليقين بثبوته في حقّه سابقاً بلا ملزم.
وبالجملة: قضيّة دليل الاستصحاب جريانه لإثبات حكم السابق للّاحق وإسرائه إليه في ما كان يعمّه ويشمله، لولا طروء حالة معها يحتمل نسخه ورفعه، وكان دليله قاصراً عن شمولها، من دون لزوم كونه ثابتاً له قبل طروئها أصلاً، كما لا يخفى. ( منه قدسسره ).