الحيوانات دائماً، وفي الإنسان أحياناً.

وثانياً: سلّمنا ذلك، لكنّه لم يعلم أنّ الشارع به راضٍ، وهو عنده ماضٍ، ويكفي في الردع عن مثله: ما دلّ من الكتاب والسنّة على النهي عن اتّباع غير العلم، وما دلّ على البراءة أو الاحتياط في الشبهات، فلا وجه لاتّباع هذا البناء في ما لابدّ في اتّباعه من الدلالة على إمضائه، فتأمّل جيّداً.

٢ - الاستصحاب يفيد الظنّ بالبقاء، والإشكال عليه

الوجه الثاني: أنّ الثبوت في السابق موجبٌ للظنّ به في اللاحق (١).

وفيه: منع اقتضاء مجرّد الثبوت للظنّ بالبقاء فعلاً ولا نوعاً، فإنّه لا وجه له أصلاً، إلّا كون الغالب في ما ثبت أن يدومَ، مع إمكان أن لا يدوم، وهو غير معلوم.

ولو سلّم، فلا دليلَ على اعتباره بالخصوص، مع نهوض الحجّة على عدم اعتباره بالعموم.

٣ - الإجماع، وما يرد عليه

الوجه الثالث: دعوى الإجماع عليه، كما عن المبادئ، حيث قال:

« الاستصحاب حجّة ؛ لإجماع الفقهاء على أنّه متى حصل حكمٌ، ثمّ وقع الشكُّ في أنّه طرأ ما يزيله أم لا، وجب الحكم ببقائه على ما كان أوّلاً، ولولا القول بأنّ الاستصحاب حجّة (٢)، لكان ترجيحاً لأحد طرفي الممكن من غير مرجّح » (٣)، انتهى. وقد نُقل عن غيره (٤) أيضاً.

__________________

(١) انظر الحبل المتين: ٣٦.

(٢) هذه العبارة زائدة غير دخيلة في الدليل ؛ فإنّ نفس إجماعهم - إن تمّ - كان إجماعاً على الاستصحاب. ( نهاية النهاية ٢: ١٧١ ).

(٣) مبادئ الوصول: ٢٥١.

(٤) نقل الشيخ الأعظم شهادة صاحب المعالم والفاضل الجواد على أنّ حجّية الاستصحاب موضع وفاق. انظر فرائد الأُصول ٣: ٥٤. ولكن في المعالم نسبته إلى الأكثر. راجع المعالم: ٢٣٥.

۳۷۶۱