مع احتمال أن يقال: إنّه ليس قضيّة الحجّيّة شرعاً إلّا لزومَ العمل على وِفْق الحجّة عقلاً، وتنجُّز الواقع مع المصادفة، وعدم تنجّزه في صورة المخالفة.
وكيف كان (١)، ليس مفاد دليل الاعتبار هو وجوب إلغاء احتمال الخلاف تعبّداً (٢) كي يختلفَ الحال، ويكونَ مفاده في الأمارة نفيَ حكم الأصل، حيث إنّه حكم الاحتمال (٣) ؛ بخلاف مفاده فيه ؛ لأجل أنّ الحكمَ الواقعيّ ليس حكم احتمال خلافه، كيف ؟ وهو حكم الشكّ فيه واحتمالِه.
فافهم وتأمّل جيّداً.
فانقدح بذلك: أنّه لا يكاد ترتفع غائلة المطاردة والمعارضة بين الأصل والأمارة إلّا بما أشرنا سابقاً وآنفاً (٤)، فلا تغفل. هذا.
٣ - حمل الظاهر على الأظهر
ولا تعارُضَ أيضاً إذا كان أحدهما قرينةً على التصرّف في الآخر، كما في الظاهر مع النصّ أو الأظهر، مثل العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد، أو مثلهما ممّا
__________________
(١) لا يخفى: أنّه لم يقدّم إشارة إلى هذا الوجه، فلا يناسب التعبير بقوله: « وكيف كان ». ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ٥: ١٢٧ ).
(٢) جواب عمّا أفاده الشيخ في أواخر الاستصحاب في وجه حكومة الأمارات على الاستصحاب ؛ حيث قال: إذا قال الشارع: إعمل بالبيّنة في نجاسة الثوب، والمفروض أنّ الشك موجود مع قيام البيّنة على نجاسة الثوب، فالشارع جعل الاحتمال المخالف للبيّنة كالعدم. ( فرائد الأُصول ٣: ٣١٥ ).
(٣) في « ش »: حكم الاختلاف.
(٤) المراد من السابق: ما تقدّم في مبحث الاستصحاب في الصفحة: ٢٦٥ ؛ إذ قال: « لا شبهة في عدم جريان الاستصحاب مع الأمارة المعتبرة... والتحقيق أنه للورود »، ومن الآنف: قوله: « ولذلك تقدّم الأمارات... ».