وإن كان مع العلم بانتقاض (١) الحالة السابقة في أحدهما:

فتارةً يكون المستصحب في أحدهما من الآثار الشرعيّة لمستصحب الآخر (٢)، فيكون الشكُّ فيه مسبّباً عن الشكّ فيه، كالشكّ في نجاسة الثوب المغسول بماءٍ مشكوك الطهارة وقد كان طاهراً، وأُخرى لا يكون كذلك.

٢ - استصحاب السبب والمسبّب

فإن كان أحدهما أثراً للآخر، فلا مورد إلّا للاستصحاب في طرف السبب ؛ فإنّ الاستصحاب في طرف المسبّب موجبٌ لتخصيص الخطاب، وجوازِ نقض اليقين بالشكّ في طرف السبب بعدم ترتيب أثره الشرعيّ، فإنّ من آثار طهارة الماء طهارةَ الثوب المغسول به ورفْعَ نجاسته، فاستصحاب نجاسة الثوب نقضٌ لليقين بطهارته، بخلاف استصحاب طهارته ؛ إذ لا يلزم منه نقضُ يقينٍ بنجاسة الثوب بالشكّ، بل باليقين بما هو رافعٌ لنجاسته، وهو غَسله بالماء المحكوم شرعاً بطهارته.

وبالجملة: فكلّ من السبب والمسبّب وإن كان مورداً للاستصحاب، إلّا أنّ الاستصحاب في الأوّل بلا محذور، بخلافه في الثاني، ففيه محذور التخصيص بلا وجه إلّا بنحوٍ محال، فاللازم الأخذ بالاستصحاب السببيّ (*).

__________________

(١) حقّ العبارة: « وإن كان للعلم بانتقاض... ». راجع منتهى الدراية ٧: ٧٨٢.

(٢) التعبير لا يخلو عن مسامحة ؛ لأنّ المستصحب في الشك المسبّبي هو بقاء النجاسة مثلاً، وواضحٌ أنّه ليس من آثار المستصحب السببيّ، وهو طهارة الماء. انظر - للتوضيح - منتهى الدراية ٧: ٧٨٣.

(*) وسرّ ذلك: أنّ رفع اليد عن اليقين في مورد السبب يكون فرداً لخطاب « لا تنقض اليقين »، ونقضاً لليقين بالشكّ مطلقاً بلا شكّ، بخلاف رفع اليد عن اليقين في مورد المسبّب، فإنّه إنّما يكون فرداً له إذا لم يكن حكم حرمة النقض يعمّ النقض في مورد السبب، وإلّا لم يكن بفردٍ له ؛ إذ حينئذٍ يكون من نقض اليقين باليقين ؛ ضرورة أنّه يكون رفع اليد عن نجاسة الثوب المغسول بماءٍ محكوم بالطهارة شرعاً باستصحاب طهارته ؛ لليقين بأنّ كلّ ثوب نجس يغسل بماء كذلك يصير طاهراً شرعاً.

وبالجملة: من الواضح - لمن له أدنى تأمّل - أنّ اللازم في كلّ مقام كان للعامّ فردٌ مطلق، وفردٌ كان فرديّته له معلّقة على عدم شمول حكمه لذاك الفرد المطلق - كما في المقام - أو كان هناك عامّان، كان لأحدهما فردٌ مطلق، وللآخر فردٌ كانت فرديّته معلّقة على عدم شمول حكم ذاك العامّ لفرده المطلق - كما هو الحال في الطرق في مورد الاستصحاب - هو الالتزام بشمول حكم العامّ لفرده المطلق، حيث لا مخصّص له، ومعه لا يكون فرد آخر يعمّه أو لايعمّه. ولا مجال لأن يلتزم بعدم شمول حكم العامّ للفرد المطلق، ليشمل حكمه لهذا الفرد، فإنّه يستلزم التخصيص بلا وجه، أو بوجهٍ دائر، كما لا يخفى على ذوي البصائر. ( منه قدس‌سره ).

۳۷۶۱