الجواب الخامس والإيراد عليه

فظهر أنّه لو قيل (١) بدلالة أخبار « من بلغه ثوابٌ » (٢) على استحباب العمل الّذي بلغ عليه الثواب ولو بخبر ضعيف، لَما كان يُجدي في جريانه في خصوص ما دلّ على وجوبه أو استحبابه خبرٌ ضعيف، بل كان - عليه - مستحبّاً، كسائر ما دلّ الدليل على استحبابه.

الجواب السادس والمناقشة فيه

لا يقال: هذا لو قيل بدلالتها على استحباب نفس العمل الّذي بلغ عليه الثواب بعنوانه، وأمّا لو دلّ (٣) على استحبابه لا بهذا العنوان، بل بعنوان أنّه محتمل الثواب، لكانت دالّةً على استحباب الإتيان به بعنوان الاحتياط، كأوامر الاحتياط لو قيل بأنّها للطلب المولويّ، لا الإرشاديّ.

فإنّه يقال: إنّ الأمر بعنوان الاحتياط ولو كان مولويّاً لكان توصّليّاً.

مع أنّه لو كان عباديّاً لما كان مصحِّحاً للاحتياط، ومُجدياً في جريانه في العبادات، كما أشرنا إليه آنفاً (٤).

دلالة بعض أخبار « من بلغه » على استحباب العمل

ثمّ إنّه لا يبعد دلالة بعض تلك الأخبار على استحباب ما بلغ عليه الثواب ؛ فإنّ صحيحة هشام بن سالم المحكيّة عن المحاسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: « مَن بلَغَه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) شيءٌ مِنَ الثواب فعَمِلَهُ كانَ أجرُ ذلك لَه، وإن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يَقُله » (٥) ظاهرةٌ في أنّ الأجر كان مترتّباً

__________________

(١) قاله الشيخ الأعظم في فرائد الأُصول ٢: ١٥٣.

(٢) وسائل الشيعة ١: ٨٢، الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات، باب استحباب الإتيان بكلّ عملٍ مشروعٍ رُوي له ثوابٌ عنهم عليهم‌السلام.

(٣) الصواب: « دلّت » ؛ لرجوع الضمير المستتر فيه إلى « أخبار من بلغ ». ( منتهى الدراية ٥: ٥٠٦ ).

(٤) في بداية هذا التنبيه. (٥) المحاسن ١: ٢٥.

(٥)

۳۷۶۱