بعدم عروض الاضطرار إلى متعلّقة، فلو عرض على بعض أطرافه لَما كان التكليف به معلوماً ؛ لاحتمال أن يكون هو المضطرّ إليه في ما كان الاضطرار إلى المعيّن، أو يكون هو المختار في ما كان إلى بعض الأطراف بلا تعيين.

قياس الاضطرار إلى بعض الأطراف بفقد بعضها

لا يقال: الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلّا كفقد بعضها، فكما لا إشكال في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي مع الفقدان، كذلك لا ينبغي الإشكال في لزوم رعايته مع الاضطرار، فيجب الاجتناب عن الباقي أو ارتكابه ؛ خروجاً عن عهدة ما تنجّز عليه قبل عروضه.

الجواب عن القياس

فإنّه يقال: حيث إنّ فقد المكلّف به ليس من حدود التكليف به وقيوده، كان التكليفُ المتعلّق به مطلقاً، فإذا اشتغلت الذمّة به كان قضيّة الاشتغال به يقيناً الفراغَ عنه كذلك. وهذا بخلاف الاضطرار إلى تركه (١) ؛ فإنّه من حدود التكليف به وقيوده، ولا يكون الاشتغال به من الأوّل إلّا مقيّداً بعدم عروضه، فلا يقين باشتغال الذمّة بالتكليف به إلّا إلى هذا الحدّ، فلا يجب رعايته في ما بعده، ولا يكون إلّا من باب الاحتياط في الشبهة البدويّة، فافهم وتأمّل، فإنّه دقيق جدّاً.

التنبيه الثاني: شرطيّة الابتلاء بتمام الأطراف

الثاني: أنّه لمّا كان النهي عن الشيء (*) إنّما هو لأجل أن يصير داعياً

__________________

(١) الأولى: إضافة: « أو ارتكابه »... حتّى يعمّ كلاًّ من الشبهة الوجوبية والتحريمية. ( منتهى الدراية ٦: ٦٤ ).

(*)  كما أنّه إذا كان فعل الشيء الّذي كان متعلّقاً لغرض المولى ممّا لا يكاد عادةً أن يتركه العبد، وأن لا يكون له داعٍ إليه، لم يكن للأمر به والبعث إليه موقعٌ أصلا، كما لا يخفى. ( منه قدس‌سره ).

۳۷۶۱