موانع فعليّة الحكم في العلم الإجمالي
ومنه ظهر: أنّه لو لم يعلم فعليّة التكليف مع العلم به إجمالاً - إمّا من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه، أو من جهة الاضطرار إلى بعضها معيّناً أو مردّداً، أو من جهة تعلّقه بموضوع يقطع بتحقّقه إجمالاً في هذا الشهر، كأيّام حيض المستحاضة مثلاً - لما وجبت موافقته، بل جازت مخالفته.
منجّزية العلم الإجمالي في التدريجيّات
وأنّه لو علم فعليّته - ولو كان بين أطراف تدريجيّة - لكان منجَّزاً ووجب موافقته ؛ فإنّ التدرّج لا يمنع عن الفعليّة ؛ ضرورة أنّه كما يصحّ التكليف بأمرٍ حاليّ، كذلك يصحُّ بأمر استقباليّ، كالحجّ في الموسم للمستطيع، فافهم.
تنبيهاتٌ
التنبيه الأول: الاضطرار إلى المعيّن أو غير المعيّن مانع عن التكليف
الأوّل: إنّ الاضطرار كما يكون مانعاً عن العلم بفعليّة التكليف لو كان إلى واحدٍ معيّن، كذلك يكون مانعاً لو كان إلى غير معيّن (١) ؛ ضرورةَ أنّه مطلقاً موجبٌ لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه، تعييناً أو تخييراً، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلاً.
لا فرق بين الاضطرار السابق على حدوث العلم واللاحق له
وكذلك لا فرق (٢) بين أن يكون الاضطرار كذلك سابقاً على حدوث العلم أو لاحقاً ؛ وذلك لأنّ التكليف (*) المعلوم بينها من أوّل الأمر كان محدوداً
__________________
(١) خلافاً للشيخ الأعظم الأنصاري، حيث ذهب إلى تنجّز الحكم في غير المعيّن بالنسبة إلى الباقي. راجع فرائد الأُصول ٢: ٢٤٥.
(٢) خلافاً للشيخ أيضاً، حيث اختار وجوب الاجتناب عن الباقي، في صورة الاضطرار إلى المعيّن الحاصل بعد العلم، المصدر السابق.
(*) لا يخفى: أنّ ذلك إنّما يتمّ في ما كان الاضطرار إلى أحدهما لا بعينه. وأمّا لو كان إلى أحدهما المعيّن، فلا يكون بمانع عن تأثير العلم للتنجّز ؛ لعدم منعه عن العلم بفعليّة التكليف المعلوم إجمالاً، المردّد بين أن يكون التكليفُ المحدودُ في ذلك الطرف أو المطلقُ في الطرف الآخر ؛ ضرورة عدم ما يوجب عدم فعليّة مثل هذا المعلوم أصلاً، وعروض الاضطرار إنّما يمنع عن فعليّة التكليف لو كان في طرف معروضه بعد عروضه، لا عن فعليّة المعلوم بالإجمال المردّد بين التكليف المحدود في طرف المعروض، والمطلق في الآخر بعد العروض. وهذا بخلاف ما إذا عرض الاضطرار إلى أحدهما لا بعينه، فإنّه يمنع عن فعليّة التكليف في البين مطلقاً، فافهم وتأمّل. ( منه قدسسره ).