فإنّه يقال: إنّ المعلوم عدم إرادة العموم، لا عدمُ استعماله فيه لإفادة القاعدة الكلّيّة، فيعملَ بعمومها ما لم يعلم بتخصيصها، وإلّا لم يكن وجهٌ في حجّيّته في تمام الباقي ؛ لجواز استعماله حينئذٍ فيه وفي غيره من المراتب الّتي يجوز أن ينتهي إليها التخصيص.
وأصالة عدم مخصِّص آخر (١) لا توجب (٢) انعقاد ظهورٍ له، لا فيه ولا في غيره من المراتب ؛ لعدم الوضع ولا القرينة المعيِّنة لمرتبةٍ منها، كما لا يخفى ؛ لجواز إرادتها وعدم نصب قرينة عليها.
نعم، ربما يكون عدمُ نصب قرينةٍ مع كون العامّ في مقام البيان قرينةً على إرادة التمام، وهو (٣) غير ظهور العامّ فيه في كلّ مقام.
التحقيق: عدم انقلاب النسبة
فانقدح بذلك: أنّه لابدّ من تخصيص العامّ بكلّ واحدٍ من الخصوصات مطلقاً، ولو كان بعضها مقدّماً أو قطعيّاً، ما لم يلزم منه محذور انتهائه إلى ما لا يجوز الانتهاء إليه عرفاً، ولو لم يكن مستوعبةً (٤) لأفراده (٥)، فضلاً عمّا إذا
__________________
(١) تعريض بالشيخ الأعظم الأنصاري، حيث أثبت ظهور العام في تمام الباقي بأصالة عدم التخصيص بمخصّص آخر. راجع فرائد الأُصول ٤: ١٠٤.
(٢) أثبتناها من « ش »، وفي غيرها: لا يوجب.
(٣) لو أبدل قوله: « وهو » ب « ولكن » ونحوه كان أدلّ على عدم تماميّة ما استدركه في « نعم » في جميع الموارد. ( منتهى الدراية ٨: ٢٨٠ ).
(٤) الأولى: « ولو لم تكن » أو « مستوعباً » بدل « مستوعبة ». ( المصدر: ٢٨١ ).
(٥) لا يخلو من تعريضٍ بعبارة شيخنا الأعظم ؛ فإنّه قدسسره اشترط في تخصيص العام بالخصوصات عدم لزوم المحذور، وظاهره: إرادة عدم بقاء مورد للعامّ أصلاً، بقرينة التمثيل بقوله: « وإن لزم المحذور، مثل قوله: يجب إكرام العلماء، ويحرم إكرام فسّاق العلماء، وورد: يكره إكرام عدول العلماء، فإنّ اللازم من تخصيص العام بهما بقاؤه بلا مورد ». ( فرائد الأُصول ٤: ١٠٣ ). وانظر حاشية المصنف على الفرائد: ٢٧٧، ومنتهى الدراية ٨: ٢٨١.