إيرادٌ آخر على الاستدلال بالآية والجواب عنه

وقد أُورد عليها (١): بأنّه لو سلّم دلالتها على التعبّد بما أجاب أهل الذكر، فلا دلالة لها على التعبّد بما يروي الراوي ؛ فإنّه بما هو راوٍ لا يكون من أهل الذكر والعلم، فالمناسب: إنّما هو الاستدلال بها على حجّيّة الفتوى، لا الرواية (٢).

وفيه: أنّ كثيراً من الرواة يصدق عليهم أنّهم أهل الذكر والاطّلاع على رأي الإمام عليه‌السلام، كزرارة ومحمّد بن مسلم ومثلهما (٣)، ويصدق على السؤال عنهم، أنّه السؤال عن أهل الذكر والعلم، ولو كان السائل من أضرابهم.

فإذا وجب قبول روايتهم في مقام الجواب - بمقتضى هذه الآية -، وجب قبول روايتهم ورواية غيرهم من العدول مطلقاً ؛ لعدم الفصل جزماً في وجوب القبول بين المبتدِئ والمسبوق بالسؤال، ولا بين أضراب زرارة وغيرهم، ممّن لا يكون من أهل الذكر، وإنّما يروي ما سمعه أو رآه، فافهم.

٥ - آية الأُذن

ومنها: آية الأُذن: ﴿وَمِنهُم الّذينَ يُؤذُونَ النَبِيَّ وَيَقُولونَ هُوَ اذُنٌ قُل أُذُنُ خَيرٍ لَكُم يُؤمِنُ بالله ويُؤمِنُ لِلمؤمنينَ (٤). فإنّه - تبارك وتعالى - مَدَحَ نبيَّه بأنّه يصدِّق المؤمنين، وقَرنَه بتصديقه تعالى.

الإشكال في الاستدلال بالآية

وفيه أوّلاً: أنّه إنّما مدحَه بأنّه أُذُن، وهو سريع القطع، لا الآخذُ بقول الغير تعبّداً.

__________________

(١) أي: على الاستدلال بالآية، فالأولى: تذكير الضمير. ( منتهى الدراية ٤: ٤٨٨ ).

(٢) هذا الإيراد ذكره الشيخ الأعظم في فرائد الأُصول ١: ٢٩٠.

(٣) الأولى: وأمثالهما. ( منتهى الدراية ٤: ٤٩٠ ).

(٤) التوبة: ٦١.

۳۷۶۱