وقد مرّ غير مرّة (١): إمكانُ منع كونها أحكاماً كذلك أيضاً، وأنّ قضيّة حجّيّتها ليس إلّا تنجّز مؤدّياتها عند إصابتها، والعذرُ عند خطئها، فلا يكون حكمٌ أصلاً إلّا الحكم الواقعيّ، فيصير منجّزاً في ما قام عليه حجّةٌ من علمٍ أو طريقٍ معتبر، ويكون غيرَ منجّز - بل غير فعليّ - في ما لم تكن هناك حجّة مصيبة، فتأمّل جيّداً.
فصل
[ تبدُّل رأي المجتهد ]
عدم جواز الرجوع إلى الاجتهاد السابق في الأعمال اللاحقة
إذا اضمحلّ الاجتهاد السابق - بتبدّل الرأي الأوّل بالآخر، أو بزواله بدونه -، فلا شبهة في عدم العبرة به في الأعمال اللاحقة، ولزومِ اتّباع الاجتهاد اللاحق مطلقاً، أو الاحتياط فيها.
بطلان حكم الأعمال السابقة المبتنية على القطع أو الأمارة بناءً على الطريقيّة
وأمّا الأعمال السابقة الواقعة على وِفْقه، المختلُّ فيها ما اعتبر في صحّتها بحسب هذا الاجتهاد:
فلابدّ من معاملة البطلان معها، في ما لم ينهض دليلٌ على صحّة العمل في ما (٢)
__________________
(١) منه ما تقدّم في أول بحث الأمارات ؛ حيث قال: والحجّية المجعولة غير مستتبعة لإنشاء أحكام تكليفية، بحسب ما أدّى إليه الطريق، بل إنما تكون موجبة لتنجّز التكليف به إذا أصاب، وصحة الاعتذار به إذا أخطأ. راجع الصفحة: ٤٠. ومنه ما تقدّم في ثاني تنبيهات الاستصحاب ؛ إذ قال: أنّ قضيّة حجّية الأمارة ليست إلّا تنجّز التكاليف مع الإصابة، والعذر مع المخالفة. راجع الصفحة: ٢٣٠.
(٢) الأولى: إسقاط « في ما ». ( منتهى الدراية ٨: ٤٦٤ ).