ويؤيّده أخبار العرض على الكتاب (١)، الدالّة على عدم حجّيّة المخالف من أصله، فإنّهما تفرغان عن لسانٍ واحدٍ، فلا وجه لحمل المخالفة في إحداهما (٢) على خلاف المخالفة في الاخرى، كما لا يخفى.
اللهمّ إلّا أن يقال: نعم، إلّا أنّ دعوى: اختصاص هذه الطائفة بما إذا كانت المخالفةُ بالمباينة، - بقرينة القطع بصدور المخالف غير المباين عنهم عليهمالسلام كثيراً، وإباءِ مثل: « ما خالف قول ربّنا لم أقله »، أو: « زخرفٌ »، أو:
« باطل »، عن التخصيص - غير بعيدة.
الصورة الثالثة: المخالفة بالعموم من وجه
وإن كانت المخالفة بالعموم والخصوص من وجه، فالظاهر أنّها كالمخالفة في الصورة الاولى، كما لا يخفى.
٤ - الترجيح بالأُصول العمليّة
وأمّا الترجيح بمثل الاستصحاب - كما وقع في كلام غير واحدٍ من الأصحاب (٣) -: فالظاهر أنّه لأجل اعتباره (٤) من باب الظنّ والطريقيّة
__________________
(١) سبق تخريج هذه الأخبار في الصفحة: ٢٨٧.
(٢) كذا في الأصل، وفي طبعاته: أحدهما.
(٣) انظر الفوائد الحائرية: ٢٢٤، والفصول: ٤٤٥، ومفاتيح الأُصول: ٧٠٥ - ٧٠٨.
(٤) لا يخفى: أنّ سوق العبارة يقتضي رجوع ضمير « اعتباره » إلى « مثل » لا إلى خصوص الاستصحاب، لكنه لمنافاته لقوله: « لأجل اعتباره من باب الظنّ » ؛ لعدم التزامهم بحجّية أصالتي البراءة والاحتياط بمناط الظنّ، فلابدّ من ارجاع الضمير إلى خصوص الاستصحاب، فإنّه مورد البحث بين القدماء والمتأخّرين، في استناد حجّيته إلى الظنّ ببقاء الحالة السابقة، أو إلى الأخبار. ( منتهى الدراية ٨: ٣٥٧ ). هذا.
ولكن قد ورد في كلام الشيخ: أنّ الفقهاء إنما رجّحوا بأصالة البراءة والاستصحاب من حيث بنائهم على حصول الظنّ بمطابقة الأصل، وأما الاحتياط فلم يُعلم منهم الاعتماد عليه، لا في مقام الاستناد ولا في مقام الترجيح. انظر فرائد الأُصول ٤: ١٥١.