اعتراضان للشيخ الأعظم على الدليل
ولا وجه للتفصّي عنه (١):
تارةً: بعدم ابتناء مسألة البراءة والاحتياط على ما ذهب إليه مشهور العدليّة، وجريانِها على ما ذهب إليه الأشاعرة المنكرين (٢) لذلك، أو بعض العدليّة المكتفين (٣) بكون المصلحة في نفس الأمر دون المأمور به (٤).
وأُخرى: بأنّ حصول المصلحة واللطف في العبادات لا يكاد يكون إلّا بإتيانها على وجه الامتثال، وحينئذٍ كان لاحتمال اعتبار معرفة أجزائها تفصيلاً - ليؤتى بها مع قصد الوجه - مجالٌ، ومعه لا يكاد يقطع بحصول اللطف والمصلحة الداعية إلى الأمر، فلم يبقَ إلّا التخلّص عن تبعة مخالفته، بإتيان ما علم تعلّقه به، فإنّه واجب عقلاً وإن لم يكن في المأمور به مصلحةٌ ولطف رأساً ؛ لتنجّزه بالعلم به إجمالاً. وأمّا الزائد عليه - لو كان - فلا تبعة على مخالفته من جهته ؛ فإنّ العقوبة عليه بلا بيان.
الجواب عن الاعتراض الأول
وذلك ضرورةَ أنّ حكم العقل بالبراءة - على مذهب الأشعريّ - لا يُجدي من ذهب إلى ما عليه المشهور من العدليّة، بل مَن ذهب إلى ما عليه غير المشهور ؛ لاحتمال أن يكون الداعي إلى الأمر ومصلحتهُ - على هذا المذهب أيضاً - هو ما في الواجبات من المصلحة وكونِها ألطافاً، فافهم.
__________________
(١) المتفصّي بذلك الشيخ الأعظم في فرائد الأُصول ٢: ٣١٩ - ٣٢٠.
(٢) الصواب: المنكرون. ( منتهى الدراية ٦: ٢١١ ).
(٣) الصواب: المكتفي، أو: المكتفون.
(٤) انظر الفصول: ٢٣٧ - ٢٣٨.