فصل
[ الكلام في انقلاب النسبة ]
التعارض بين أكثر من دليلين مع اتحاد النسبة
لا إشكال في تعيين الأظهر - لوكان في البين - إذا كان التعارض بين الاثنين. وأمّا إذا كان بين الزائد عليهما فتعيُّنه ربّما لا يخلو عن خفاء.
ذهاب بعض الأعلام إلى انقلاب النسبة
ولذا وقع بعض الأعلام (١) في اشتباه وخطأ، حيث توهّم: أنّه إذا كان هناك عامّ وخصوصات، وقد خُصِّص ببعضها، كان اللازم ملاحظة النسبة بينه وبين سائر الخصوصات بعد تخصيصه به (٢)، فربّما تنقلب النسبة إلى عمومٍ وخصوص من وجه، فلابدّ من رعاية هذه النسبة، وتقديمِ (٣) الراجح منه ومنها، أو التخييرِ بينه وبينها لو لم يكن هناك راجح، لا تقديمُها عليه، إلّا إذا كانت النسبة بعده على حالها.
الإشكال على انقلاب النسبة
وفيه: أنّ النسبة إنّما هي بملاحظة الظهورات، وتخصيصُ العامّ بمخصِّص منفصل - ولو كان قطعيّاً - لا ينثلم به ظهورُه، وإن انثلم به حجّيّتهُ، ولذلك يكون بعد التخصيص حجّةً في الباقي ؛ لأصالة عمومه بالنسبة إليه.
لا يقال: إنّ العامّ بعد تخصيصه بالقطعيّ لا يكون مستعملاً في العموم قطعاً، فكيف يكون ظاهراً فيه ؟
__________________
(١) هو المحقّق المولى أحمد النراقي في عوائد الأيام: ٣٤٩ - ٣٥٣، ومناهج الأُصول والأحكام: ٣١٧ - ٣١٨.
(٢) الأولى أن يقال: بينه - بعد تخصيصه به - وبين سائر الخصوصات. ( منتهى الدراية ٨: ٢٧٠ ).
(٣) لعلّ الأولى: إبدال الواو بالباء، بأن يقال: بتقديم ( المصدر السابق: ٢٧١ ).