« لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد » (١)، و « يا أشباه الرجالِ ولا رجال » (٢) ؛ فإنّ قضيّة البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادّعاءً، لا نفي الحكم أو الصفة، كما لا يخفى.

ونفيُ الحقيقة ادّعاءً بلحاظ الحكم أو الصفة، غيرُ نفي أحدهما ابتداءً مجازاً في التقدير أو في الكلمة، ممّا (٣) لا يخفى على من له معرفة بالبلاغة.

استبعاد إرادة نفي الحكم أو الصفة أو إرادة النهي من النفي

وقد انقدح بذلك: بُعْدُ إرادةِ نفي الحكم الضرريّ (٤)، أو الضرر غير المتدارك (٥)، أو إرادةِ النهي من النفي جدّاً (٦) ؛ ضرورة بشاعة استعمال الضرر وإرادة خصوص سبب من أسبابه، أو خصوصِ غير المتدارك منه.

ومثله لو أُريد ذاك بنحو التقييد، فإنّه وإن لم يكن ببعيد، إلّا أنّه بلا دلالةٍ عليه غير سديد.

وإرادة النهي من النفي وإن كان ليس بعزيز، إلّا أنّه لم يُعهد من مثل هذا التركيب.

وعدم إمكان إرادة نفي الحقيقة حقيقةً لا يكاد يكونُ قرينةً على إرادة

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ١٤٨. ولعلّ الأولى تبديله بمثل « لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب » ممّا يكون المنفيّ فيه غير وصف الكمال. ( منتهى الدراية ٦: ٥٠٧ ).

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ٢٧.

(٣) الصواب: « كما » بدل « ممّا »، ولعلّه من سهو الناسخ. راجع منتهى الدراية ٦: ٥١١.

(٤) تعريض بما أفاده الشيخ الأعظم من أنّ المعنى هو عدم تشريع الحكم الذي يلزم منه الضرر. انظر فرائد الأُصول ٢: ٤٦٠.

(٥) اختاره الفاضل التوني في الوافية: ١٩٤.

(٦) اختاره السيّد ميرفتّاح في العناوين ١: ٣١١.

۳۷۶۱