الإشكال الثاني
وثانياً: لو سلّم أنّ قضيَّته لزوم التنزّل إلى الظنّ، فتوهُّم: أنّ الوظيفة حينئذٍ هو خصوص الظنّ بالطريق، فاسدٌ قطعاً ؛ وذلك لعدم كونه أقرب إلى العلم وإصابةِ الواقع، من الظنّ بكونه مؤدّى طريقٍ معتبرٍ - من دون الظنّ بحجّيّة طريق أصلاً -، ومن الظنّ بالواقع، كما لا يخفى.
شبهة أقربيّة الظنّ بالطريق من الظنّ بالواقع مع صرف الواقع إلى المؤدّى والجواب عنها
لا يقال: إنّما لا يكون أقرب من الظنّ بالواقع، إذا لم يصرف التكليف الفعليّ عنه إلى مؤدّيات الطرق ولو بنحو التقييد (١).
فإنّ الالتزام به بعيدٌ ؛ إذ الصرف لو لم يكن تصويباً محالاً، فلا أقلّ من كونه مجمعاً على بطلانه ؛ ضرورة (٢) أنّ القطع بالواقع يُجدي في الإجزاء بما هو واقع، لا بما هو مؤدّى طريق القطع (٣)، كما عرفت (٤).
ومن هنا انقدح: أنّ التقييد أيضاً غير سديد، مع أنّ الالتزام بذلك غير مفيد ؛ فإنّ الظنّ بالواقع في ما ابتلي به من التكاليف، لا يكاد ينفكّ عن الظنّ بأنّه مؤدّى طريق معتبر.
__________________
(١) إشارة إلى تكملة دليل الفصول، وهو الصرف والتقييد، وقد أفادها ضمن كلامه، ولم ينقلها المصنف ضمن العبارة التي أوردها عنه. انظر الفصول: ٢٧٧.
(٢) الأولى: ذكر هذا التعليل عقيب قوله: « ومن هنا انقدح أن التقييد أيضاً غير سديد » وذلك لاشتراكه بين التصويب والتقييد. ( منتهى الدراية ٤: ٦٤٢ ).
(٣) هذا من إضافة الصفة إلى الموصوف. والأولى أن يقال: « القطع الطريقي ». راجع المصدر السابق: ٦٤٣.
(٤) في بداية هذا الفصل، إذ قال: وأنّ المؤمِّن في حال الانفتاح هو القطع بإتيان المكلّف به الواقعي بما هو كذلك، لا بما هو معلوم ومؤدّى الطريق.