مطلوباً وإطاعة، فيكون وزانه وزان: « من سرّح لحيته » (١)، أو: من صلّى أو صام فله كذا (٢). ولعلّه لذلك أفتى المشهور بالاستحباب، فافهم وتأمّل.

التنبيه الثالث - لزوم التفصيل في جريان البراءة في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة

الثالث: أنّه لا يخفى أنّ النهي عن شيءٍ إذا كان بمعنى طلب تركه في زمانٍ أو مكانٍ، - بحيث لو وُجد في ذاك الزمان أو المكان ولو دفعةً لما امتثل أصلاً -، كان اللازم على المكلّف إحراز أنّه تَرَكَه بالمرّة ولو بالأصل، فلا يجوز الإتيان بشيءٍ يشكّ معه في تركه، إلّا إذا كان مسبوقاً به ليستصحب مع الإتيان به.

نعم، لو كان بمعنى طلب ترك كلِّ فردٍ منه على حدة، لَما وجب إلّا ترك ما علم أنّه فردٌ، وحيث لم يعلم تعلّق النهي إلّا بما علم أنّه مصداقه، فأصالة البراءة في المصاديق المشتبهة محكَّمة.

عدم لزوم الاحتياط في جميع الشبهات الموضوعيّة

فانقدح بذلك: أنّ مجرّد العلم بتحريم شيءٍ لا يوجب لزوم الاجتناب عن الأفراد (٣) المشتبهة، في ما كان المطلوب بالنهي طلب ترك كلّ فرد على حدة، أو كان الشيء مسبوقاً بالترك، وإلّا لوجب الاجتناب عنها عقلاً لتحصيل الفراغ قطعاً (٤).

فكما يجب في ما علم وجوب شيءٍ إحرازُ إتيانه، إطاعةً لأمره،

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ٢: ١٢٦، الباب ٧٦ من أبواب آداب الحمّام، الحديث الأول.

(٢) أشار الشيخ الأعظم إلى هذا التشبيه وردّ عليه بأنّ الإطاعة هناك حقيقيّة، أمّا في المقام فهي حكميّة. راجع فرائد الأُصول ٢: ١٥٦ - ١٥٧.

(٣) في غير « ر »: أفراده.

(٤) إشارة إلى ضعف ما أفاده الشيخ قدس‌سره من جريان البراءة في الشبهات الموضوعية التحريمية مطلقاً. راجع فرائد الأُصول ٢: ١٢١ - ١٢٢.

۳۷۶۱