أقرب إلى الأمر المبرم، أو أشبه بالمتين المستحكم ممّا فيه اقتضاء البقاء ؛ لقاعدة: « إذا تعذّرت الحقيقة فأقرب المجازات » (١)، بعدَ تعذُّر إرادة مثل ذاك الأمر، ممّا يصحّ إسناد النقض إليه حقيقةً.
الاستدلال على اختصاص الأخبار بالشك في الرافع
فإن قلت (٢): نعم، ولكنّه حيث لا انتقاض لليقين في باب الاستصحاب حقيقةً، فلو لم يكن هناك اقتضاء البقاء في المتيقّن، لما صحّ إسناد الانتقاض إليه بوجهٍ ولو مجازاً، بخلاف ما إذا كان هناك، فإنّه وإن لم يكن معه أيضاً انتقاضٌ حقيقةً، إلّا أنّه صحّ إسناده إليه مجازاً، فإنّ اليقين معه كأنّه تعلّق بأمرٍ مستمرّ مستحكم، قد انحلّ وانفصم بسبب الشكّ فيه، من جهة الشكّ في رافعه.
الجواب عن الدليل
قلت: الظاهر: أنّ وجه الإسناد هو لحاظ اتّحاد متعلّقي اليقين والشكّ ذاتاً، وعدمُ ملاحظة تعدّدهما زماناً، وهو كافٍ عرفاً في صحّة إسناد النقض إليه واستعارته له، بلا تفاوتٍ في ذلك أصلاً - في نظر أهل العرف - بين ما كان هناك اقتضاء البقاء وما لم يكن.
وكونه مع المقتضي أقرب بالانتقاض وأشبه، لا يقتضي تعيينه (٣) لأجل قاعدة: « إذا تعذّرت الحقيقة » ؛ فإنّ الاعتبار في الأقربيّة إنّما هو بنظر العرف لا الاعتبار، وقد عرفت عدم التفاوت بحسب نظر أهله.
هذا كلّه في المادّة.
وأمّا الهيئة، فلا محالة يكون المراد منها: النهي عن الانتقاض بحسب
__________________
(١) في « ق » زيادة: أولى.
(٢) عبّر المصنّف في حاشيته على الفرائد: ١٩٠ عن هذا الاشكال بالتقريب الأدقّ والأمتن لدلالة الأخبار على الاختصاص بالشك في الرافع، وأجاب عنه بما أفاده هنا.
(٣) في « ر »: تعيّنه.