وبالجملة: ما دامت فيه صفة كامنة لا يستحقّ بها إلّا مدحاً أو لوماً (١)، وإنّما يستحقّ الجزاء بالمثوبة أو العقوبة - مضافاً إلى أحدهما - إذا صار بصدد الجري على طبقها، والعمل على وفقها، وجَزَمَ وعَزَمَ ؛ وذلك لعدم صحّة مؤاخذته بمجرّد سوء سريرته من دون ذلك، وحسنها معه، كما يشهد به مراجعة الوجدان، الحاكم بالاستقلال في مثل باب الإطاعة والعصيان، وما يستتبعان من استحقاق النيران أو الجنان.
القطع غير المصيب لا يُحدث تغييراً في الواقع
ولكن ذلك مع بقاء الفعل المتجرّى به، أو المنقاد به على ما هو عليه من الحسن أو القبح، والوجوب أو الحرمة واقعاً، بلا حدوث تفاوتٍ فيه بسبب تعلُّقِ القطع بغير ما هو عليه من الحكم والصفة، ولا يغيَّر جهة حُسنِه أو قبحِه بجهته أصلاً (٢) ؛ ضرورة أنّ القطع بالحسن أو القبح، لا يكون من الوجوه والاعتبارات التّي بها يكون الحسنُ والقبحُ عقلاً، ولا ملاكاً للمحبوبيّة والمبغوضيّة شرعاً ؛ ضرورة عدم تغيّر الفعل عمّا هو عليه - من المبغوضيّة والمحبوبيّة للمولى - بسبب قطع العبد بكونه محبوباً أو مبغوضاً له، فقَتْلُ ابن المولى لا يكاد يخرج عن كونه مبغوضاً له، ولو اعتقد العبد بأنّه عدُوُّه، وكذا قَتْلُ عدوِّه - مع القطع بأنّه ابنه - لا يخرج عن كونه محبوباً أبداً. هذا.
مع أنّ الفعل المتجرّى به أو المنقاد به - بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب - لا يكون اختياريّاً ؛ فإنّ القاطع لا يقصده إلّا بما قطع أنّه عليه من
__________________
(١) في « ر »: ذمّاً.
(٢) في « ر »: ولا يغيّر جهة... بجهة أصلاً. وفي « ق »: ولا يغيّر حسنه أو قبحه أصلاً. وفي حقائق الأُصول: ولا تغيّر جهة حسنه أو قبحه أصلاً. وفي « ش » ومنتهى الدراية: لا يغيّر حسنه أو قبحه بجهة أصلاً.