ووجه الذبّ بذلك: أنّ الحكم الواقعيّ الّذي هو مؤدّى الطريق حينئذٍ محكومٌ بالبقاء، فتكون الحجّة على ثبوته حجّةً على بقائه تعبّداً ؛ للملازمة بينه وبين ثبوته واقعاً.
إن قلت: كيف ؟ وقد اخِذَ اليقينُ بالشيء في التعبّد ببقائه في الأخبار، ولايقينَ في فرض تقدير الثبوت.
قلتُ: نعم، ولكنّ الظاهر أنّه اخِذَ كشفاً عنه ومرآةً لثبوته، ليكون التعبّدُ في بقائه، والتعبّد مع فرض ثبوته إنّما يكون في بقائه، فافهم.
التنبيه الثالث: استصحاب الكلّي
الثالث:
انّه لا فرق في المتيقّن السابق بين أن يكون خصوص أحد الأحكام، أو ما يشترك بين الاثنين منها، أو الأزيدِ من أمر عامّ.
القسم الأول وجريان الاستصحاب فيه
فإن كان الشكُّ في بقاء ذاك العامّ من جهة الشكّ في بقاء الخاصّ - الّذي كان في ضمنه - وارتفاعِه، كان استصحابه كاستصحابه بلا كلام.
القسم الثاني وجريان الاستصحاب فيه
وإن كان الشكُّ فيه من جهة تردّد الخاصّ - الّذي في ضمنه - بين ما هو باقٍ أو مرتفعٌ قطعاً، فكذا لا إشكالَ في استصحابه، فيترتّب عليه كافّةُ ما يترتّب عليه عقلاً أو شرعاً من أحكامه ولوازمه.
الإشكال على جريان الاستصحاب في القسم الثاني والجواب عنه
وتردُّدُ ذاك الخاصّ - الّذي يكون الكلّيّ موجوداً في ضمنه، ويكون وجوده بعين وجوده - بين متيقّن الارتفاع ومشكوكِ الحدوث المحكومِ بعدم حدوثه (١)، غيرُ ضائر باستصحاب الكلّيّ المتحقّق في ضمنه، مع عدم إخلاله باليقين والشكّ في حدوثه وبقائه. وإنّما كان التردّد بين الفردين ضائراً
__________________
(١) هذا الإشكال ذكره الشيخ الأعظم في فرائده ٣: ١٩٢ وأجاب عنه.