تنجّزه إلى ما إذا كان في ذاك الطرف، والعذر عمّا إذا كان في سائر الأطراف، مثلاً: إذا علم إجمالاً بحرمة إناء زيد بين الإناءين، وقامت البيّنة على أنّ هذا إناؤه، فلا ينبغي الشكّ في أنّه كما إذا علم أنّه إناؤه، في عدم لزوم الاجتناب إلّا عن خصوصه دون الآخر.

ولو لا ذلك لما كان يُجدي القول بأنّ قضيّة اعتبار الأمارات هي كون المؤدّيات أحكاماً شرعيّة فعليّة ؛ ضرورة أنّها تكون كذلك بسبب حادث، وهو كونها مؤدّيات الأمارات الشرعيّة.

هذا إذا لم يعلم بثبوت (١) التكاليف الواقعيّة - في موارد الطرق المثبتة - بمقدار المعلوم بالإجمال، وإلّا فالانحلال إلى العلم بما في الموارد، وانحصارُ أطرافه بموارد تلك الطرق بلا إشكال، كما لا يخفى.

الوجه الثاني لدلالة العقل على الاحتياط: أصالة الحظر

وربما استدلّ (٢) بما قيل من: استقلال العقل بالحظر في الأفعال غير الضروريّة قبل الشرع، ولا أقلّ من الوقف (٣) وعدمِ استقلاله، لا به ولا بالإباحة، ولم يثبت شرعاً إباحة ما اشتبه حرمته ؛ فإنّ ما دلّ على الإباحة معارض بما دلّ على وجوب التوقّف أو الاحتياط.

المناقشة في الدليل

وفيه أوّلاً: أنّه لا وجه للاستدلال بما هو محلّ الخلاف والإشكال، وإلّا لصحّ الاستدلال على البراءة بما قيل من: كون تلك الأفعال على الإباحة.

وثانياً: أنّه ثبتت الإباحة شرعاً ؛ لما عرفت من عدم صلاحيّة ما دلّ على التوقّف أو الاحتياط للمعارضة لما دلّ عليها.

__________________

(١) في بعض الطبعات: ثبوت.

(٢) قرّره الشيخ الأعظم في فرائد الأُصول ٢: ٩٠، وانظر معارج الأُصول: ٢٠٣.

(٣) كما عليه الشيخان: المفيد والطوسي. انظر التذكرة بأُصول الفقه: ٤٣ والعدّة ٢: ٧٤٢.

۳۷۶۱