فكذلك يجب في ما علم حرمته إحرازُ تركه وعدمِ إتيانه، امتثالاً لنهيه. غاية الأمر كما يحرز وجود الواجب بالأصل، كذلك يحرز ترك الحرام به.

والفرد المشتبه وإن كان مقتضى أصالة البراءة جواز الاقتحام فيه، إلّا أنّ قضيّةَ لزوم إحراز الترك اللازم: وجوبُ التحرّز عنه، ولا يكاد يحرز إلّا بترك المشتبه أيضاً (١)، فتفطّن.

التنبيه الرابع - الاحتياط حسنٌ مطقاً إلّا إذا أخلّ بالنظام

الرابع (٢): أنّه قد عرفت (٣) حُسْن الاحتياط عقلاً ونقلاً. ولا يخفى أنّه مطلقاً كذلك، حتّى في ما كان هناك حجّةٌ على عدم الوجوب أو الحرمة، أو أمارةٌ معتبرةٌ على أنّه ليس فرداً للواجب أو الحرام، ما لم يخلّ بالنظام فعلاً، فالاحتياط قبل ذلك مطلقاً يقع حسناً، كان في الأُمور المهمّة، كالدماء والفروج، أو غيرها، وكان احتمال التكليف قويّاً أو ضعيفاً، كانت الحجّة على خلافه أو لا (٤). كما أنّ الاحتياط الموجب لذلك لا يكون حَسناً كذلك، وإن كان الراجح لمن التفت إلى ذلك من أوّل الأمر ترجيح بعض الاحتياطات احتمالاً أو محتملاً (٥)، فافهم.

__________________

(١) دفع لما ذكره الشيخ الأعظم من أنّ الفرد المشتبه من المنهيّ عنه يجوز ارتكابه بمقتضى أصالة البراءة. راجع فرائد الأُصول ٢: ١٢١.

(٢) المطالب المدرجة في هذا التنبيه طرحها الشيخ الأعظم في التنبيه الثالث من تنبيهات الشبهة الموضوعية التحريمية مع بعض الاختلاف. انظر فرائد الأُصول ٢: ١٣٧ - ١٣٩.

(٣) في التنبيه الثاني، حيث قال: لا شبهة في حُسن الاحتياط شرعاً وعقلاً في الشبهة الوجوبية أو التحريمية.

(٤) هذه الجملة مستدركة بما أفاده في صدر التنبيه بقوله: « حتى في ما كان هناك حجة... ». ( منتهى الدراية ٥: ٥٥٨ ).

(٥) ورد ذكْر هذين الترجيحين على سبيل الاحتمال في فرائد الأُصول ٢: ١٣٧.

۳۷۶۱