« أنّ الجمع مهما أمكن أولى من الطرح » ؛ إذ لا دليل عليه في ما لا يساعد عليه العرف، ممّا (١) كان المجموع أو أحدهما قرينةً عرفيّةً على التصرّف في أحدهما بعينه أو فيهما، كما عرفته في الصور السابقة.
مع أنّ في الجمع كذلك أيضاً طرحاً للأمارة أو الأمارتين ؛ ضرورة سقوط أصالة الظهور في أحدهما أو كليهما معه.
وقد عرفت (٢): أنّ التعارض بين الظهورين في ما كان سنداهما قطعيّين، وفي السندين إذا كانا ظنّيين.
وقد عرفت (٣): أنّ قضيّة التعارض إنّما هو سقوط المتعارضين في خصوص كلّ ما يؤدّيان إليه من الحكمين، لا بقاؤهما على الحجّيّة بما يتصرّف فيهما أو في أحدهما، أو بقاءُ سندَيْهما عليها كذلك، بلا دليلٍ يساعد عليه من عقل أو نقل.
توجيه القاعدة
فلا يبعد أن يكون المراد، من إمكان الجمع هو: إمكانه عرفاً (٤). ولا ينافيه الحكمُ بأنّه أولى مع لزومه حينئذٍ وتعيّنهِ ؛ فإنّ أولويّته من قبيل الأولويّة في اولي الأرحام (٥)، وعليه لا إشكال فيه ولا كلام.
__________________
(١) هذا بيان ل « ما يساعد عليه العرف » لا لما لا يساعد عليه العرف. انظر منتهى الدراية ٨: ٩٣.
(٢) لم يذكر المصنف في الفصل السابق حكم تعارض الدليلين في ما كان سندهما قطعيّين، بل اقتصر على تعارض السندين الظنيّين مع قطعيّة الدلالة أو الجهة. ( منتهى الدراية ٨: ٩٤ ).
(٣) في أوائل هذا الفصل، حيث قال:... لم يكن واحد منهما بحجّة.
(٤) يظهر هذا التوجيه من الشيخ الأعظم أيضاً. انظر فرائد الأُصول ٤: ٢٤.
(٥) إشارة إلى الآية الكريمة: « ﴿ وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ ﴾ الأنفال: ٧٥.