٤ - عدم وجوب الاحتياط في ما يوجب عُسره اختلال النظام لا في ما لا يوجبه

وأمّا المقدّمة الرابعة: فهي بالنسبة إلى عدم وجوب الاحتياط التامّ بلا كلام، في ما يوجب عُسْرُه اختلالَ النظام.

وأمّا في ما لا يوجب فمحلُّ نظرٍ، بل مَنْعٍ ؛ لعدم حكومة قاعدة نفي العسر والحرج على قاعدة الاحتياط ؛ وذلك لما حقّقناه في معنى ما دلّ على نفي الضرر والعُسْر (١)، من أنّ التوفيق بين دليلهما ودليلِ التكليف، أو الوضع - المتعلّقين بما يعمّهما -، هو: نفيهما عنهما بلسان نفيهما، فلا يكون له حكومة على الاحتياط العَسِر إذا كان بحكم العقل ؛ لعدم العُسْر في متعلّق التكليف، وإنّما هو في الجمع بين محتملاته احتياطاً.

نعم، لو كان معناه نفيَ الحكم الناشي من قِبَله العسر - كما قيل (٢) - لكانت قاعدة نفيه محكّمةً على قاعدة الاحتياط ؛ لأنّ العسر حينئذٍ يكون من قِبَل التكاليف المجهولة، فتكون منفيّة بنفيه.

ولا يخفى: أنّه على هذا لا وجه لدعوى استقلال العقل بوجوب الاحتياط في بعض الأطراف، بعد رفع اليد عن الاحتياط في تمامها (٣)، بل لابدّ من دعوى وجوبه شرعاً، كما أشرنا إليه في بيان المقدّمة الثالثة، فافهم وتأمّل جيّداً.

لا مانع من إجراء الأُصول المثبتة في أطراف العلم

وأمّا الرجوع إلى الأُصول: فبالنسبة إلى الأُصول المثبتة - من احتياطٍ أو استصحابٍ مثبِتٍ للتكليف - فلا مانع عن إجرائها عقلاً مع حكم العقل وعموم النقل.

__________________

(١) في خاتمة البحث عن قاعدة نفي الضرر.

(٢) قاله الشيخ الأعظم في فرائده ٢: ٤٦٠ - ٤٦٢.

(٣) هذا تعريض بالشيخ الأعظم، حيث ذهب إلى وجوب الاحتياط في بقيّة الأطراف، بعد ارتفاع وجوبه في جميعها بقاعدة نفي العسر. انظر فرائد الأُصول ١: ٤٢١ - ٤٢٢.

۳۷۶۱