نقطع بأنّا مكلّفون - في زماننا هذا - تكليفاً فعليّاً بأحكامٍ فرعيّة كثيرة، لا سبيل لنا - بحكم العيان وشهادة الوجدان - إلى تحصيل كثير منها بالقطع، ولا بطريقٍ معيّنٍ يقطع من السمع - بحكم الشارع - بقيامه، أو قيام طريقه مقام القطع ولو عند تعذّره، كذلك نقطع بأنّ الشارع قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طريقاً مخصوصاً، وكلَّفنا تكليفاً فعليّاً بالعمل بمؤدّى طرقٍ مخصوصة، وحيث إنّه لا سبيل غالباً إلى تعيينها بالقطع، ولا بطريقٍ يقطع من السمع بقيامه بالخصوص، أو قيامِ طريقه كذلك مقام القطع ولو بعد تعذّره، فلا ريب أنّ الوظيفة - في مثل ذلك - بحكم العقل، إنّما هو الرجوع - في تعيين ذلك الطريق - إلى الظنّ الفعليّ الّذي لادليل على عدم حجّيّته (١) ؛ لأنّه أقرب إلى العلم وإلى إصابة الواقع ممّا عداه » (٢).
الإشكال الأوّل على الوجه
وفيه أوّلاً (٣): - بعد تسليم العلم بنصب طُرُقٍ خاصّة، باقيةٍ في ما بأيدينا من الطرق غيرِ العلميّة، وعدمِ وجود المتيقّن بينها أصلاً - أنّ قضيّة ذلك هو الاحتياط في أطراف هذه الطرق المعلومة بالإجمال، لا تعيينها بالظنّ.
لا يقال (٤): الفرض هو عدم وجوب الاحتياط، بل عدم جوازه.
__________________
(١) أثبتنا العبارة كما وردت في الفصول، حقائق الأُصول ومنتهى الدراية. وفي الأصل وأكثر طبعاته: لا دليل على حجّيته. يلاحظ منتهى الدراية ٤: ٦٢٥.
(٢) الفصول: ٢٧٧، مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) هذا الإيراد يتضمّن أربعة من الردود الخمسة التي أوردها الشيخ الأعظم على صاحب الفصول. راجع فرائد الأُصول ١: ٤٣٩ - ٤٤٦.
(٤) هذا الإشكال أيضاً ذكره الشيخ الأعظم من غير تعرّض لجوابه. انظر فرائد الأُصول ١: ٤٤٦.