قال: « تغسله، ولا تعيد الصلاة ».
قلتُ: لِمَ ذلك ؟
قال: « لأنّك كنتَ على يقين من طهارتك فشككت، فليس ينبغي لَكَ أن تنقض اليقين بالشكّ أبداً ».
قلت: فإنّي قد عَلِمت أنّه قد أصابه ولم أدرِ أينَ هو، فأغسِله ؟
قال: « تغسِل من ثوبك الناحيةَ الّتي ترى أنّه قد أصابها، حتّى تكون على يقينٍ من طهارتك ».
قلت: فهل عليَّ إن شككتُ في أنّه أصابه شيءٌ أن أنظر فيه ؟
قال: « لا، ولكنّك إنّما تريد أن تُذهب الشكّ الّذي وقَع في نفسِك ».
قلت: إن رأيتُه في ثوبي وأنا في الصلاة ؟
قال: « تنقض الصلاة وتعيد، إذا شككت في موضِع منه ثمَّ رأيته، وإن لم تشُكّ ثمّ رأيته رَطباً قطعتَ الصلاة، وغسلتَه، ثمّ بنيتَ على الصلاة ؛ لأنّك لا تدري لعلّه شيءٌ اوقعَ عليك، فليس ينبغي أن تنقُضَ اليقين بالشكّ » (١).
تقريب الاستدلال بالرواية
وقد ظهر ممّا ذكرنا في الصحيحة الاولى تقريبُ الاستدلال بقوله:
« فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشكّ » في كلا الموردين، ولا نعيد.
نعم، دلالته في المورد الأوّل على الاستصحاب مبنيٌّ على أن يكون المراد من « اليقين » في قوله عليهالسلام: « لأنّك كنت على يقين من طهارتك »:
اليقينَ بالطهارة قبلَ ظنِّ الإصابة، كما هو الظاهر ؛ فإنّه لو كان المراد منه اليقينَ الحاصل بالنظر والفحص بعده - الزائل بالرؤية بعد الصلاة - كان مفاده قاعدةَ اليقين، كما لا يخفى.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١: ٤٢١ - ٤٢٢.