نعم، في كونه بهذه المرتبة مورداً للوظائف المقرّرة شرعاً للجاهل، إشكالُ لزوم اجتماع الضدّين أو المثلين، على ما يأتي تفصيله (١) - إن شاء الله تعالى -، مع ما هو التحقيق في دفعه، في التوفيق بين الحكم الواقعيّ والظاهريّ، فانتظر.

الأمر الثاني: [ التجرّي والانقياد ]

قد عرفت: أنّه لا شبهة في أنّ القطع يوجب استحقاقَ العقوبة على المخالفة، والمثوبةِ على الموافقة في صورة الإصابة.

فهل يوجب استحقاقها - في صورة عدم الإصابة - على التجرّي بمخالفته، واستحقاقَ المثوبة على الانقياد بموافقته، أو لا يوجب شيئاً ؟

استحقاق المتجرّي للعقاب

ألحقّ: أنّه يوجبه ؛ لشهادة الوجدان بصحّة مؤاخذته، وذمّه على تجرّيه وهتك حرمته لمولاه (٢)، وخروجه عن رسوم عبوديّته، وكونه بصدد الطغيان، وعزمه على العصيان، وصحّةِ مثوبته، ومدحه على إقامته (٣) بما هو قضيّة عبوديّته، من العزم على موافقته، والبناء على إطاعته، وإن قلنا بأنّه لا يستحقّ مؤاخذة أو مثوبة - ما لم يعزم على المخالفة أو الموافقة - بمجرّد سوء سريرته أو حُسنها (٤)، وإن كان مستحقّاً للّوم (٥) أو المدح بما يستتبعانه، كسائر الصفات والأخلاق الذميمة أو الحسنة.

__________________

(١) في أوّل مبحث الأمارات.

(٢) الصواب: وهتكه لحرمة مولاه. ( منتهى الدراية ٤: ٣٧ ).

(٣) الصواب: على قيامه. ( المصدر السابق ).

(٤) إشارة وتعريض بما أفاده الشيخ الأعظم من أن المتجرّي لا يستحق إلّا المذمّة واللوم. انظر فرائد الأُصول ١: ٤١.

(٥) في « ر » و « ق »: للذمّ.

۳۷۶۱