وتعالى: ﴿وذَكِّر فَإنَّ الذكْرى تَنْفَعُ المؤمنين﴾ (١)، وليكون حجّةً على من ساءت سريرته وخبثت طينته، ﴿ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَن حيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ (٢)، كيلا يكون للناس على الله حجّة، بل كان له حجّةٌ بالغة.
شهادة الآيات والروايات على استحقاق المتجرّي للعقاب
ولا يخفى: أنّ في الآيات (٣) والروايات (٤) شهادةً على صحّة ما حكم به الوجدان، الحاكم على الإطلاق في باب الاستحقاق للعقوبة والمثوبة.
استدلال المحقّق السبزواريّ على استحقاق المتجرّي للعقاب
ومعه لا حاجة إلى ما استُدلّ على استحقاق المتجرّي للعقاب بما حاصله:
أنّه لولاه - مع استحقاق العاصي له - يلزم إناطةُ استحقاق العقوبة بما هو خارجٌ عن الاختيار، من مصادفة قطعه، الخارجة عن تحت قدرته واختياره (٥).
المناقشة في الدليل
مع بطلانه وفساده ؛ إذ للخصم أن يقول: بأنّ استحقاق العاصي دونه، إنّما هو لتحقّقِ سبب الاستحقاق فيه - وهو مخالفته عن عمدٍ واختيار - وعدمِ تحقّقه فيه ؛ لعدم مخالفته أصلاً - ولو بلا اختيار -، بل عدمِ صدور فعلٍ منه في بعض أفراده بالاختيار، كما في التجرّي بارتكاب ما قطع أنّه من مصاديق الحرام، كما إذا قطع - مثلاً - بأنّ مائعاً خمرٌ، مع أنّه لم يكن بالخمر، فيحتاج إلى إثبات أنّ المخالفة الاعتقاديّة سببٌ كالواقعيّة الاختياريّة، كما عرفت بما لا مزيد عليه.
__________________
(١) الذاريات: ٥٥.
(٢) الأنفال: ٤٢.
(٣) البقرة: ٢٢٥، ٢٨٤، الإسراء: ٣٦، الأحزاب: ٥.
(٤) وسائل الشيعة ١: ٤٨ و٥٠، الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث ٤ و٥، و١٦: ١٤١، الباب ٥ من أبواب الأمر والنهي، الحديث ١٢.
(٥) ذخيرة المعاد: ٢٠٩ - ٢١٠، وقد ذكره الشيخ الأعظم الأنصاري أيضاً على وجهٍ رباعي. انظر فرائد الأُصول ١: ٣٨ - ٣٩.