إشكالان في تقليد المجتهد الانفتاحي أيضاً والجواب عنهما
إن قلت: حجّيّة الشيء شرعاً، مطلقاً، لا توجب القطع بما أدّى إليه من الحكم ولو ظاهراً، كما مرّ تحقيقه (١)، وأنّه ليس أثره (٢) إلّا تنجّزَ الواقع مع الإصابة، والعذرَ مع عدمها، فيكون رجوعه إليه - مع انفتاح باب العلميّ عليه أيضاً - رجوعاً إلى الجاهل، فضلاً عمّا إذا انسدّ عليه.
قلت: نعم، إلّا أنّه عالِمٌ بموارد قيام الحجّة الشرعيّة على الأحكام، فيكون من رجوع الجاهل إلى العالم.
إن قلت: رجوعه إليه في موارد فقْد الأمارة المعتبرة عنده - الّتي يكون المرجع فيها الأُصول العقليّة - ليس إلّا الرجوع إلى الجاهل.
قلت: رجوعه إليه فيها إنّما هو لأجل اطّلاعه على عدم الأمارة الشرعيّة فيها، وهو عاجز عن الاطّلاع على ذلك. وأمّا تعيين ما هو حكم العقل، وأنّه مع عدمها هو: البراءة أو الاحتياط (٣)، فهو إنّما يرجعُ إليه ؛ فالمتّبع ما استقلّ به عقلُه، ولو على خلاف ما ذهب إليه مجتهدهُ، فافهم.
٥ - نفوذ قضاء المجتهد المطلق الانفتاحيّ
وكذلك لا خلافَ ولا إشكال في نفوذ حكم المجتهد المطلق، إذا كان باب العلم أو العلميّ له مفتوحاً.
وأمّا إذا انسدّ عليه بابهما: ففيه إشكالٌ على الصحيح، من تقرير المقدّمات على نحو الحكومة ؛ فإنّ مثله - كما أشرتُ آنفاً - ليس ممّن يعرف
__________________
(١) في أوائل بحث الأمارات، في الصفحة: ٤٠ حيث قال:... والحجّية المجعولة غير مستتبعة لإنشاء أحكام تكليفية... بل إنما تكون موجبة لتنجّز التكليف....
(٢) أي: أثر حجّية الشيء، فالأولى: تأنيث الضمير. ( منتهى الدراية ٨: ٣٩٤ ).
(٣) الصحيح أن يقول: « هو البراءة أو التخيير أو الاحتياط » ؛ فإن الأُصول العقليّة ثلاثة لا اثنان. ( عناية الأُصول ٦: ١٧٦ ).