الكلام في الامتثال الاجمالي المستلزم للتكرار في العبادات
وأمّا في ما احتاج إلى التكرار: فربما يشكل من جهة الإخلال بالوجه تارةً، وبالتمييز (١) أُخرى، وكونِه لعباً وعبثاً ثالثةً.
وأنت خبيرٌ بعدم الإخلال بالوجه بوجهٍ في الإتيان مثلاً بالصلاتين المشتملتين على الواجب لوجوبه، غاية الأمر أنّه لا تعيين له ولا تميّز (٢)، فالإخلال إنّما يكون به.
واحتمال اعتباره أيضاً في غاية الضعف ؛ لعدم عينٍ منه ولا أثرٍ في الأخبار، مع أنّه ممّا يُغفل عنه غالباً، وفي مثله لابدّ من التنبيه على اعتباره ودخله في الغرض، وإلّا لأخلّ بالغرض، كما نبّهنا عليه سابقاً (٣).
وأمّا كون التكرار لعباً وعبثاً: - فمع أنّه ربّما يكون لداعٍ عقلائيّ (٤) -، إنّما يضرّ إذا كان لعباً بأمرِ المولى، لا في كيفيّة إطاعته بعد حصول الداعي إليها، كما لا يخفى.
هذا كلّه في قبال ما إذا تمكّن من القطع تفصيلاً بالامتثال.
الامتثال الظنّي التفصيلي في العبادات
وأمّا إذا لم يتمكّن إلّا من الظنّ به كذلك: فلا إشكال في تقديمه على الامتثال الظنّيّ، لو لم يقم دليل على أعتباره إلّا في ما إذا لم يتمكّن منه.
__________________
(١) أثبتناها من « ر » وفي غيرها: بالتميّز.
(٢) إمّا أن يجعل كلاهما ( التعيين والتميز ) من باب التفعل، أو كلاهما من باب التفعيل، وإن كان الأول أولى. ( منتهى الدراية ٤: ١٩١ ).
(٣) في مبحث التعبّدي والتوصّلي، حيث قال: إنّ كلّ ما ربما يحتمل بدواً دخله في الامتثال، وكان ممّا يغفل عنه غالباً العامّة، كان على الآمر بيانه. راجع الجزء الأول، الصفحة: ١٠٩.
(٤) العبارة لا تخلو عن قصور، فالأولى أن تكون هكذا: ففيه - مع أنّه ممنوع ؛ إذ يمكن أن يكون التكرار لداع عقلائي - أنّه لو سلّم كونه لعباً وعبثاً فهو إنّما يضرّ... ( منتهى الدراية ٤: ١٩٣ )، وراجع حقائق الأُصول ٢: ٥٨.