ولا يخفى مجازفة هذه الدعوى ؛ لاختلاف الفتاوى في ما أُخذ في اعتباره من الخصوصيّات، ومعه لا مجال لتحصيل القطع برضاه عليه‌السلام من تتبّعها ؛ وهكذا حال تتبُّع الإجماعات المنقولة.

اللهمّ إلّا أن يُدّعى تواطؤها على الحجّيّة في الجملة، وإنّما الاختلاف في الخصوصيّات المعتبرة فيها، ولكن دون إثباته خرط القتاد.

الوجه الثاني: دعوى الإجماع العمليّ وما يرد عليها

ثانيها (١): دعوى اتّفاق العلماء عملاً - بل كافّةِ المسلمين - على العمل بخبر الواحد في أُمورهم الشرعيّة، كما يظهر من أخذ فتاوى المجتهدين من الناقلين لها.

وفيه: - مضافاً إلى ما عرفت ممّا يرد على الوجه الأوّل - أنّه لو سُلّم اتّفاقهم على ذلك، لم يُحرز أنّهم اتّفقوا بما هم مسلمون ومتديّنون بهذا الدين، أو بما هم عقلاء ولو لم يلتزموا (٢) بدينٍ، كما هم لايزالون يعملون بها في غير الامور الدينيّة من الامور العاديّة.

فيرجع إلى ثالث الوجوه.

الوجه الثالث: سيرة العقلاء

وهو دعوى استقرار سيرة العقلاء من ذوي الأديان وغيرِهم على العمل بخبر الثقة، واستمرّت إلى زماننا، ولم يردع عنه نبيّ ولا وصيّ نبيّ ؛ ضرورة أنّه لو كان لاشتهر وبان، ومن الواضح أنّه يكشف عن رضاء الشارع به في الشرعيّات أيضاً.

الإشكال على التمسّك بسيرة العقلاء والجواب عنه

إن قلت (٣): يكفي في الردع: الآياتُ الناهية والرواياتُ المانعة عن اتّباع

__________________

(١) أفاده الشيخ الأنصاري أيضاً في فرائده ١: ٣٤٣.

(٢) في « ق » و « ش »: يُلزَموا.

(٣) هذا الإشكال ذكره الشيخ الأعظم وأجاب عنه في فرائد الأُصول ١: ٣٤٦.

۳۷۶۱