والحرمة، وإحداثِهما الترديدَ بينهما، لكان القياس في محلّه ؛ لدلالة الدليل على التخيير بينهما على التخيير هاهنا، فتأمّل جيّداً.
عدم جريان البراءة العقليّة في المقام
ولا مجال هاهنا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ فإنّه لا قصور فيه هاهنا، وإنّما يكون عدم تنجّز التكليف لعدم التمكّن من الموافقة القطعيّة كمخالفتها (١)، والموافقةُ الاحتماليّة حاصلة لا محالة، كما لا يخفى.
شمول النزاع للتعبّديّات
ثمّ إنّ مورد هذه الوجوه وإن كان ما إذا لم يكن واحدٌ من الوجوب والحرمة على التعيين تعبّديّاً ؛ إذ لو كانا تعبّديّين، أو كان أحدهما المعيّن كذلك، لم يكن إشكالٌ في عدم جواز طرحهما والرجوعِ إلى الاباحة ؛ لأنّها مخالفة عمليّة قطعيّة - على ما أفاد (٢) شيخنا الأستاذ قدسسره (٣) -، إلّا أنّ الحكم أيضاً فيهما إذا كانا كذلك هو التخيير عقلاً بين إتيانه على وجه قربيّ - بأن يؤتى به بداعي احتمال طلبه - وتركِه كذلك ؛ لعدم الترجيح، وقبحه بلا مرجّح.
فانقدح: أنّه لا وجه لتخصيص المورد بالتوصّليّين بالنسبة إلى ما هو المهمُّ في المقام (٤)، وإن اختصّ بعض الوجوه بهما، كما لا يخفى.
تقديم محتمل الأهميّة
ولا يذهب عليك: أنّ استقلال العقل بالتخيير إنّما هو في ما لا يحتمل الترجيح في أحدهما على التعيين. ومع احتماله لا يبعد دعوى استقلاله بتعيّنه (٥)،
__________________
(١) الصواب سوق العبارة هكذا: « كالمخالفة القطعية »... ( منتهى الدراية ٥: ٦٠٤ ).
(٢) في « ر » ومنتهى الدراية: أفاده.
(٣) فرائد الأُصول ٢: ١٧٩.
(٤) تعريض بما قاله الشيخ الأعظم من « أنّ محلّ هذه الوجوه ما لو كان كلّ من الوجوب والتحريم توصّلياً ». راجع فرائد الأُصول ٢: ١٧٩.
(٥) في « ق »: بتعيينه.