وثالثاً: أنّه لا يستلزم القولُ بالوقف - في تلك المسألة - للقول (١) بالاحتياط في هذه المسألة ؛ لاحتمال أن يقال معه بالبراءة، لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.

توهّم عدم جريان البراءة العقليّة في المقام والكلام فيه

وما قيل (٢) من: أنّ الإقدام على ما لا تؤمن المفسدة فيه، كالإقدام على ما تعلم فيه المفسدة.

ممنوعٌ، ولو قيل بوجوب دفع الضرر المحتمل ؛ فإنّ المفسدة المحتملة في المشتبه ليس بضرر غالباً ؛ ضرورة أنّ المصالح والمفاسد - الّتي هي مناطات الأحكام - ليست براجعة إلى المنافع والمضارّ، بل ربّما تكون (٣) المصلحة في ما فيه الضرر، والمفسدة في ما فيه المنفعة. واحتمال أن يكون في المشتبه ضررٌ، ضعيفٌ غالباً، لا يعتنى به قطعاً.

مع أنّ الضرر ليس دائماً ممّا يجب التحرّز عنه عقلاً، بل يجب ارتكابه أحياناً، في ما كان المترتّب عليه أهمّ في نظره ممّا في الاحتراز عن ضرره، مع القطع به، فضلاً عن احتماله (٤)

__________________

(١) الأولى: حذف اللام ؛ لأنّه مفعول « يستلزم »، ولا يحتاج الفعل في عمله إلى لام التقوية. ( منتهى الدراية ٥: ٤٠٤ ).

(٢) قاله الشيخ الطوسي في العدّة ٢: ٧٤٢.

(٣) أثبتناها من « ر »، وفي غيرها: يكون.

(٤) لا يخفى ما في هذه العبارة من التعقيد وكثرة الضمائر، مع اختلاف مراجعها، وعدم وجود بعضها في العبارة، وخلوّ صلة الموصول في « ممّا » عن العائد، فالأولى سوق العبارة هكذا: بل قد يجب ارتكابه - مع القطع به، فضلاً عن احتماله - إذا كان ما يترتّب عليه أهمّ في نظر الشارع ممّا يترتّب على الاحتراز عنه. ( منتهى الدراية ٥: ٤١٠ ).

۳۷۶۱