كما لا شبهة في استقلاله في تعيين ما هو المؤمِّن منها، وفي أنّ كلّ ما كان القطع به مؤمِّناً في حال الانفتاح، كان الظنّ به مؤمّناً حالَ الانسداد جزماً، وأنّ المؤمِّن في حال الانفتاح هو القطع بإتيان المكلّف به الواقعيّ بما هو كذلك - لا بما هو معلوم، ومؤدّى الطريق، ومتعلَّقُ العلم، وهو طريقٌ (١) شرعاً وعقلاً - أو بإتيانه الجعليّ ؛ وذلك لأنّ العقل قد استقلّ بأنّ الإتيان بالمكلّف به الحقيقيّ بما هو هو - لا بما هو مؤدّى الطريق - مبرئٌ للذمّة قطعاً.

كيف ؟ وقد عرفت: أنّ القطع بنفسه طريقٌ لايكاد تناله يدُ الجعل إحداثاً وإمضاءً، إثباتاً ونفياً. ولا يخفى: أنّ قضيّة ذلك هو التنزّل إلى الظنّ بكلّ واحد من الواقع والطريق.

الوجه في اختصاص الحجّية بالظنّ بالواقع والجواب عنه

ولا منشأ لتوهّم الاختصاص بالظنّ بالواقع، إلّا توهّمُ أنّه قضيّةُ اختصاص المقدّمات بالفروع ؛ - لعدم انسداد باب العلم في الأُصول، وعدمِ إلجاءٍ في التنزّل إلى الظنّ فيها -. والغفلة عن أنّ جريانها في الفروع، موجبٌ لكفاية الظنّ بالطريق في مقام تحصيل (٢) الأمن من عقوبة التكاليف (٣)، وإن كان باب العلم في غالب الأُصول مفتوحاً ؛ وذلك لعدم التفاوت في نظر العقل - في ذلك - بين الظنّين.

الوجه الأوّل في اختصاص الحجّية بالظنّ بالطريق

كما أنّ منشأ توهّم الاختصاص بالظنّ بالطريق وجهان:

أحدهما: ما أفاده بعضُ الفحول (٤). وتبعه في الفصول، قال فيها: « إنّا كما

__________________

(١) حق العبارة: لأنّه طريق. ( منتهى الدراية ٤: ٦١٦ ).

(٢) أدرجنا الكلمة من « ر »، « ق » و « ش ». وفي غيرها: يحصل.

(٣) في « ق » زيادة: الشرعيّة.

(٤) هو المحقّق العلّامة الشيخ أسد الله التستري في كتابه: كشف القناع: ٤٦٠.

۳۷۶۱