في بقعة الإمكان ما لم يذُدك عنه واضح البرهان » (١)، بمعنى الاحتمال المقابل للقطع والإيقان، ومن الواضح أن لا موطن له إلّا الوجدان، فهو المرجع فيه بلا بيّنة وبرهان.
محاذير التعبّد بالأمارات
وكيف كان، فما قيل أو يمكن أن يقال في بيان ما يلزم التعبّد بغير العلم - من المحال، أو الباطل ولو لم يكن بمحال - أُمور:
أحدها: اجتماع المثلين - من إيجابين، أو تحريمين مثلاً - في ما أصاب، أو ضدّين - من إيجاب وتحريم، ومن إرادة وكراهة، ومصلحة ومفسدة ملزمتين، بلا كسر وانكسار في البين - في ما أخطأ، أو التصويب وأن لا يكون هناك غير مؤدّيات الأمارات (٢) أحكامٌ.
ثانيها: طلب الضدّين في ما إذا أخطأ، وأدّى إلى وجوب ضدّ الواجب.
ثالثها: تفويت المصلحة، أو الإلقاءُ في المفسدة، في ما أدّى إلى عدم وجوب ما هو واجب، أو عدمِ حرمة ما هو حرام، وكونِه محكوماً بسائر الأحكام.
الجواب عن المحاذير وبيان وجوه الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري:
والجواب: أنّ ما ادّعي لزومُه إمّا غيرُ لازم، أو غير باطل:
الوجه الأول وذلك لأنّ التعبّد بطريقٍ غير علميّ إنّما هو بجعل حجّيّته، والحجّيّةُ المجعولة غير مستتبعة لإنشاء أحكام تكليفيّة بحسب ما أدّى إليه الطريق، بل إنّما تكون موجبةً لتنجُّزِ التكليف به إذا أصاب، وصحّةِ الاعتذار به إذا أخطأ، ولكون مخالفته وموافقته تجرّياً وانقياداً مع عدم إصابته، كما هو شأن
__________________
(١) شرح الاشارات ٣: ٤١٨.
(٢) في « ر »: في غير مورد الأمارات.