الأمر الرابع: [ امتناع أخذ القطع بحكمٍ في موضوع نفسه أو مثله أو ضدّه ]
لا يكاد يمكن أن يؤخذ القطع بحكمٍ في موضوع نفس هذا الحكم ؛ للزوم الدور، ولا مِثلِه ؛ للزوم اجتماع المثلين، ولا ضدِّه ؛ للزوم اجتماع الضدّين.
نعم، يصحّ أخذ القطع بمرتبةٍ من الحكم في مرتبةٍ أُخرى منه، أو من مثله، أو من ضدّه (١).
امتناع أخذ الظنّ بالحكم في موضوع نفسه وإمكان أخذه في موضوع مثله أو ضدّه
وأمّا الظنّ بالحكم: فهو وإن كان كالقطع، في عدم جواز أخذه في موضوع نفس ذاك الحكم المظنون، إلّا أنّه لمّا كان معه مرتبةُ الحكم الظاهريّ محفوظةً، كان جعل حكمٍ آخر في مورده - مثل الحكم المظنون أو ضدّه - بمكانٍ من الإمكان.
إن قلت: إن كان الحكم المتعلّق به الظنّ فعليّاً أيضاً - بأن يكون الظنّ متعلّقاً بالحكم الفعليّ -، لا يمكن أخذُه في موضوع حكم فعليّ آخر، مثله أو ضدّه ؛ لاستلزامه الظنّ باجتماع الضدّين أو المثلين، وإنّما يصحّ أخذه في موضوع حكم آخر، كما في القطع، طابق النعل بالنعل.
قلت: يمكن أن يكون الحكم فعليّاً، بمعنى أنّه لو تعلّق به القطع - على ما هو عليه من الحال - لتنجَّزَ، واستحقّ على مخالفته العقوبة (٢). ومع ذلك
__________________
(١) كذا في الأصل و « ر ». وفي « ن »، « ق »، « ش » وبعض الطبعات الأُخرى: أو مثله أو ضدّه.
(٢) عبارة المتن لا تفي بالمقصود. فالأولى سوقها هكذا: قلت: إنّما يمتنع أخذ الظنّ بحكمٍ فعلي موضوعاً لحكمٍ فعلي مثله أو ضدّه، إذا كانت الفعليّة في كليهما بمعنى واحد، وهو كون الحكم بحيث إذا تعلّق به القطع لتنجّز واستحقّ على مخالفته العقوبة... وأما إذا اختلف معناها فيهما، بأن أُريد بها في الحكم المظنون: الفعلية غير المنجّزة، وفي الثاني: الفعليّة المنجّزة، فلا يلزم محذور اجتماع المثلين أو الضدّين ؛ لتعدّد الرتبة فيهما. ( منتهى الدراية ٤: ١٢٤ ).