عناية ؛ فإنّه غالباً بصدد إثبات أنّ ما وجد آباءَه عليه هو الحقّ، لا بصدد الحقّ، فيكون مقصِّراً مع اجتهاده، ومؤاخَذاً إذا أخطأ على قطعه واعتقاده.

لا دلالة للعقل ولا للنقل على وجوب تحصيل الظنّ مع اليأس عن العلم

ثمّ لا استقلال للعقل (١) بوجوب تحصيل الظنّ مع اليأس عن تحصيل العلم، في ما يجب تحصيله عقلاً لو أمكن، لو لم نقل باستقلاله بعدم وجوبه، بل بعدم جوازه ؛ لما أشرنا إليه (٢): من أنّ الامور الاعتقاديّة - مع عدم القطع بها - أمكن الاعتقاد بما هو واقعها والانقياد لها (٣)، فلا إلجاء فيها أصلاً إلى التنزّل إلى الظنّ في ما انسدّ فيه باب العلم، بخلاف الفروع العمليّة، كما لا يخفى.

وكذلك لا دلالة من النقل على وجوبه في ما يجب معرفته مع الإمكان شرعاً، بل الأدلّة الدالّة على النهي عن اتّباع الظنّ دليلٌ على عدم جوازه أيضاً.

وجود القاصر في تحصيل العلم بالاعتقاديّات

وقد انقدح من مطاوي ما ذكرنا: أنّ القاصر يكون - في الاعتقاديّات - للغفلة، أو عدمِ الاستعداد للاجتهاد فيها ؛ لعدم وضوح الأمر فيها، بمثابةٍ لا يكون الجهلُ بها إلّا عن تقصير، كما لا يخفى، فيكون معذوراً عقلاً (*).

__________________

(١) في « ر »: ثمّ لا يخفى عدم استقلال العقل.

(٢) في بدايات الفصل، حيث قال: فلا يتحمّل إلّا لما هو الواقع، ولا ينقاد إلّا له، لا لما هو مظنونه.

(٣) الأولى: تذكير الضمير ؛ لرجوعه إلى الموصول في « بما »... فالأولى: سوق العبارة هكذا: يمكن الاعتقاد بما هو واقعها والانقياد له. ( منتهى الدراية ٥: ١٢١ ).

(*) ولا ينافي ذلك عدم استحقاقه درجة، بل استحقاقه دركة ؛ لنقصانه بسبب فقدانه للإيمان به تعالى أو برسوله، أو لعدم معرفة أوليائه ؛ ضرورة أنّ نقصان الإنسان لذلك يوجب بُعْدَه عن ساحة جلاله تعالى، وهو يستتبع لا محالة دركة من الدركات. وعليه فلا إشكال في ما هو ظاهر بعض الروايات والآيات، من خلود الكافر مطلقاً ولو كان قاصراً. فقصوره إنّما ينفعه في دفع ١) المؤاخذة عنه بما يتبعها من الدركات، لا في ما يستتبعه نقصان ذاته ودنوّ نفسه وخساسته، فإذا انتهى إلى اقتضاء الذات لذلك، فلا مجال للسؤال عنه ب: « لِمَ ذلك ؟ »، فافهم. ( منه قدس‌سره ).

__________________

١) في « ر » ومنتهى الدراية: رفع.

۳۷۶۱