إلّا الرجوعُ إلى ما بنى عليه في المسائل الاصوليّة، وبدونه لا يكاد يتمكّن من استنباطٍ واجتهاد، مجتهداً كان أو أخباريّاً.

اختلاف الاحتياج إلى الأُصول حسب اختلاف الأزمنة و...

نعم، يختلف الاحتياجُ إليها بحسب اختلاف المسائل والأزمنة والأشخاص ؛ ضرورة خفّةِ مؤونة الاجتهاد في الصدر الأوّل، وعدمِ حاجته إلى كثيرٍ ممّا يحتاج إليه في الأزمنة اللاحقة، ممّا لا يكاد يُحقَّق ويُختار عادةً إلّا بالرجوع إلى ما دُوِّن فيه من الكتب الاصوليّة.

فصل
[ التخطئة والتصويب ]

اتّفقت الكلمة على التخطئة في العقليّات، واختلفت في الشرعيّات:

اتفاق الإماميّة على التخطئة في الشرعيّات

فقال أصحابنا (١) بالتخطئة فيها أيضاً، وأنّ له - تبارك وتعالى - في كلّ مسألة حكماً يؤدّي إليه الاجتهاد تارةً، وإلى غيره أُخرى.

قول المخالفين بالتصويب

وقال مخالفونا (٢) بالتصويب، وأنّ له تعالى أحكاماً بعدد آراء المجتهدين، فما يؤدّي إليه الاجتهاد هو حكمه - تبارك وتعالى -.

ولا يخفى: أنّه لا يكاد يعقل الاجتهاد في حكم المسألة، إلّا إذا كان لها حكمٌ واقعاً، حتّى صار المجتهد بصدد استنباطه من أدلّته، وتعيينِه بحسبها ظاهراً.

__________________

(١) راجع الذريعة ٢: ٧٥٧، عدّة الأُصول ٢: ٧٢٥ - ٧٢٦، القوانين ١: ٤٤٩، الفصول: ٤٠٦.

(٢) نسب الآمدي في الإحكام ٤: ١٨٣ القول بالتصويب إلى القاضي أبي بكر الباقلّاني وأبي الهذيل والجبائي.

۳۷۶۱