وجوب معرفته بالعموم (١). ضرورة أنّ المراد من ﴿ليعبدون﴾ هو خصوص عبادة الله ومعرفته. والنبويّ إنّما هو بصدد بيان فضيلة الصلوات، لا بيان حكم المعرفة، فلا إطلاق فيه أصلاً. ومثل آية النفر إنّما هو بصدد بيان الطريق المتوسّل به إلى التفقّه الواجب، لا بيان ما يجب فقهه ومعرفته، كما لا يخفى. وكذا ما دلّ على وجوب طلب العلم، إنّما هو بصدد الحثّ على طلبه، لا بصدد بيان ما يجب العلم به.
عدم كفاية الظنّ في ما يجب معرفته
ثمّ إنّه لا يجوز الاكتفاء بالظنّ في ما يجب معرفته عقلاً أو شرعاً ؛ حيث إنّه ليس بمعرفة قطعاً، فلابدّ من تحصيل العلم لو أمكن. ومع العجز عنه كان معذوراً إن كان عن قصور ؛ لغفلةٍ، أو لغموض (٢) المطلب مع قلّة الاستعداد، كما هو المشاهَد في كثير من النساء بل الرجال. بخلاف ما إذا كان عن تقصير في الاجتهاد، ولو لأجل حبّ طريقة الآباء والأجداد، واتّباع سيرة السلف، فإنّه كالجبلّيّ للخلف، وقلّما عنه تخلّف.
والمراد من المجاهدة - في قوله تعالى: ﴿وَالَّذينَ جاهَدُوا فينا لنَهدينّهُم سُبُلَنا﴾ (٣) - هو: المجاهدة مع النفس، بتخليتها عن الرذائل، وتحليتها بالفضائل - وهي الّتي كانت أكبر من الجهاد -، لا النظر والاجتهاد، وإلّا لأدّى إلى الهداية، مع أنّه يؤدّي إلى الجهالة والضلالة، إلّا إذا كانت هناك منه تعالى
__________________
(١) تعريض بما أفاده الشيخ الأنصاري من دلالة هذه الآيات والروايات على وجوب تحصيل العلم في الأُمور الاعتقادية حتى يحصل اليأس. انظر فرائد الأُصول ١: ٥٥٩ - ٥٦٠.
(٢) أثبتنا الكلمة من « ر » وفي الأصل وبعض الطبعات: لغموضة، وفي غيرها: لغموضيّة.
(٣) العنكبوت: ٦٩.