عدم نهوض الحجّة لأجل فقدان النصّ، أو إجماله واحتماله الكراهة أو الاستحباب، أو تعارضه في ما لم يثبت بينهما ترجيح، بناءً على التوقّف في مسألة تعارض النصّين، في ما لم يكن ترجيح في البين.
وأمّا بناءً على التخيير - كما هو المشهور - فلا مجال لأصالة البراءة وغيرها ؛ لمكان وجود الحجّة المعتبرة، وهو أحد النصّين فيها، كما لا يخفى.
[ الاستدلال على البراءة بالأدلّة الأربعة ]
وقد استدلّ على ذلك بالأدلّة الأربعة:
الاستدلال بالكتاب
أمّا « الكتاب »: فبآياتٍ، أظهرها: قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (١).
المناقشة في الاستدلال
وفيه (٢): أنّ نفي التعذيب - قبل إتمام الحجّة ببعث الرسل - لعلّه كان منّةً منه تعالى على عباده، مع استحقاقهم لذلك.
ولو سُلّم (٣) اعتراف الخصم بالملازمة بين الاستحقاق والفعليّة، لما صحّ الاستدلال بها إلّا جدلاً، مع وضوح منعه ؛ ضرورة أنّ ماشكّ في وجوبه أو حرمته ليس عنده بأعظم ممّا علم بحكمه، وليس حال الوعيد بالعذاب فيه إلّا كالوعيد به فيه، فافهم.
__________________
(١) الإسراء: ١٥.
(٢) هذه المناقشة ذكرها في الفصول: ٣٤٢.
(٣) دفع لما ذكره الشيخ الأعظم تصحيحاً للاستدلال بالآية، من أنّ الآية وإن كانت ظاهرة في نفي الفعليّة لا نفي الاستحقاق، لكنّ الخصم يعترف بالملازمة بين الاستحقاق والفعليّة، فينتفي الاستحقاق بانتفاء الفعليّة. انظر فرائد الأُصول ٢: ٢٣ - ٢٤.