فانقدح: أنّه لا يتمكّن من صلاة القصر صحيحةً بعد فعل صلاة الإتمام، ولا من الجهر كذلك بعد فعل صلاة الإخفات، وإن كان الوقت باقياً.
إشكالان آخران والجواب عنهما
إن قلت: على هذا يكون كلّ منهما في موضع الآخر سبباً لتفويت الواجب فعلاً، وما هو السبب لتفويت الواجب كذلك حرام، وحرمةُ العبادة موجبة لفسادها بلا كلام.
قلت: ليس سبباً لذلك، غايته أنّه يكون مضادّاً له، وقد حقّقنا في محلّه (١): أنّ الضدّ وعدم ضدّه متلازمان ليس بينهما توقّف أصلاً.
لا يقال: على هذا فلو صلّى تماماً أو صلّى إخفاتاً في موضع القصر والجهر - مع العلم بوجوبهما في موضعهما - لكانت صلاته صحيحة، وإن عوقب على مخالفة الأمر بالقصر أو الجهر.
فإنّه يقال: لا بأس بالقول به لو دلّ دليل على أنّها تكون مشتملةً على المصلحة ولو مع العلم ؛ لاحتمال اختصاص أن يكون كذلك في صورة الجهل، ولا بُعد أصلاً في اختلاف الحال فيها باختلاف حالتي العلم بوجوب شيءٍ والجهل به، كما لا يخفى.
تصحيح الأمر بالتمام على نحو الترتّب والكلام فيه
وقد صار بعض الفحول (٢) بصدد بيان إمكان كون المأتيّ في غير موضعه مأموراً به بنحو الترتّب.
__________________
(١) في الأمر الثاني من مبحث الضد، حيث قال - في ردّ توهّم مقدّمية عدم الضدّ للضدّ الآخر -: « وذلك لأنّ المعاندة والمنافرة بين الشيئين لا تقتضي إلّا عدم اجتماعهما في التحقّق... من دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدّم أحدهما على الآخر ». راجع الجزء الأوّل، الصفحة: ١٨٢.
(٢) هو كاشف الغطاء في كشف الغطاء ١: ١٧١.