وأمّا الثالث: فلاحتمال أن يكون الرشد في نفس المخالفة ؛ لحسنها.
ولو سُلّم أنّه لغلبة الحقّ في طرف الخبر المخالف، فلا شبهة في حصول الوثوق بأنّ الخبر الموافق المعارَض بالمخالف لا يخلو من الخلل صدوراً، أو جهةً، ولا بأس بالتعدّي منه إلى مثله، كما مرّ آنِفاً.
ومنه انقدح حال ما إذا كان التعليل لأجل انفتاح باب التقيّة فيه ؛ ضرورةَ كمال الوثوق بصدوره كذلك، مع الوثوق بصدورهما - لولا القطعُ به - في الصدر الأوّل ؛ لقلّة الوسائط ومعرفتها، هذا.
بعض القرائن الدالّة على لزوم الاقتصار
مع ما في عدم بيان الإمام عليهالسلام للكلّيّة، كي لا يحتاج السائل إلى إعادة السؤال مراراً، وما في أمره عليهالسلام بالإرجاء - بعد فرض التساوي في ما ذكره من المزايا المنصوصة - من الظهور في أنّ المدار في الترجيح على المزايا المخصوصة، كما لا يخفى.
لابدّ - على القول بالتعدّي - من التعدّي إلى كلّ مزية ولو لم توجب الظنّ أو الأقربيّة
ثمّ إنّه (١) بناءً على التعدّي، حيث كان في المزايا المنصوصة ما لا يوجب الظنّ بذي المزيّة، ولا أقربيّتَه - كبعض صفات الراوي، مثل الأورعيّة أو الأفقهيّة، إذا كان موجِبهما ممّا لايوجب الظنّ أو الأقربيّة، كالتورّع من الشبهات، والجهد في العبادات، وكثرةِ التتبّع في المسائل الفقهيّة، أو المهارة في القواعد الاصوليّة - فلا وجه للاقتصار على التعدّي إلى خصوص ما يوجب
__________________
(١) إشارة إلى نزاعٍ جارٍ بين الشيخ الأعظم وبين السيّد المجاهد من أنّه بناءً على التعدّي هل يتعدّى إلى خصوص المزيّة الموجبة للظنّ الشأني ( الأقربيّة )، كما هو مختار الشيخ ( فرائد الأُصول ٤: ١١٦ - ١١٧ )، أو يتعدّى إلى خصوص المزيّة الموجبة للظنّ الفعلي، كما هو مختار السيّد الطباطبائي ؟ ( مفاتيح الأُصول: ٦٨٨ ). وقد اختار المصنّف التعدّي إلى كلّ مزيّة ولو لم توجب الظنّ الشأني ولا الفعلي.