العمل به ؟ فإنّ المنع عن العمل بما يقتضيه العقل - من الظنّ أو خصوص الاطمئنان - لو فرض ممكناً، جرى في غير القياس، فلا يكون العقل مستقلّاً ؛ إذ لعلّه نهى عن أمارة، مثل ما نهى عن القياس (١)، واختفى علينا. ولا دافع لهذا الاحتمال إلّا قبح ذلك على الشارع ؛ إذ احتمال صدور الممكن بالذات عن الحكيم لا يرتفع إلّا بقبحه، وهذا من أفراد ما اشتهر من: أنّ الدليل العقليّ لا يقبل التخصيص » (٢). انتهى موضع الحاجة من كلامه - زيد في علوّ مقامه -.
جواب المصنّف عن الإشكال
وأنت خبيرٌ بأنّه لا وقع لهذا الإشكال، بعد وضوح كون حكم العقل بذلك معلّقاً على عدم نصب الشارع طريقاً واصلاً، وعدمِ حكمِهِ به في ما كان هناك منصوب ولو كان أصلاً (٣) ؛ بداهة أنّ من مقدّمات حكمه: عدمَ وجود علمٍ ولا علميّ، فلا موضوع لحكمه مع أحدهما.
والنهي عن ظنٍّ حاصل من سبب، ليس إلّا كنصب شيء، بل هو يستلزمه في ما كان في مورده أصل شرعيّ، فلا يكون نهيه عنه رفعاً لحكمه عن موضوعه، بل به يرتفع موضوعه، وليس حال النهي عن سبب مفيدٍ للظنّ إلّا كالأمر بما لا يفيده. وكما لا حكومة معه للعقل، لا حكومة (٤) له معه، وكما لا يصحّ بلحاظ حكمه الإشكالُ فيه، لا يصحّ الإشكال فيه (٥) بلحاظه.
__________________
(١) في المصدر زيادة: بل وأزيد.
(٢) فرائد الأُصول ١: ٥١٦ - ٥١٧.
(٣) لا يخلو من تسامح ؛ فإنّ الأصل ليس من الطرق. ( حقائق الأُصول ٢: ٢٠٠ ).
(٤) في « ر »: لا حكم.
(٥) في « ق »: لا يصحّ فيه.