فلا محيصَ عن الرجوع على نحوٍ يحصل الظنّ به في الخروج عن عهدة هذا التكليف، فلو لم يتمكّن من القطع بالصدور أو الاعتبار، فلابدّ من التنزّل إلى الظنّ بأحدهما.
الجواب عن الوجه الثالث
وفيه: أنّ قضيّة بقاء التكليف فعلاً بالرجوع إلى الأخبار الحاكية للسنّة - كما صرّح بأنّها المراد منها في ذيل كلامه (١) زيد في علوّ مقامه - إنّما هو (٢) الاقتصار في الرجوع (٣) إلى الأخبار المتيقّن الاعتبار، فإن وفى، وإلّا اضيف إليه الرجوعُ إلى ما هو المتيقّن اعتباره بالإضافة، لو كان، وإلّا فالاحتياط بنحوٍ عرفت (٤)، لا الرجوعُ إلى ما ظُنّ اعتباره ؛ وذلك للتمكّن من الرجوع علماً - تفصيلاً أو إجمالاً (٥) -، فلا وجه معه من الاكتفاء بالرجوع إلى ما ظنّ اعتباره، هذا.
مع أنّ مجال المنع عن ثبوت التكليف بالرجوع إلى السنّة بذاك المعنى - في ما لم يعلم بالصدور ولا بالاعتبار بالخصوص - واسعٌ.
إيراد الشيخ الأنصاري على الوجه الثالث والكلام فيه
وأمّا الإيراد عليه (٦): برجوعه: إمّا إلى دليل الانسداد، لو كان ملاكه دعوى العلم الإجماليّ بتكاليف واقعيّة، وإمّا إلى الدليل الأوّل، لو كان ملاكه دعوى العلم بصدور أخبارٍ كثيرة بين ما بأيدينا من الأخبار.
ففيه: أنّ ملاكه إنّما هو دعوى العلم بالتكليف بالرجوع إلى الروايات - في الجملة - إلى يوم القيامة، فراجع تمام كلامه، تعرف حقيقةَ مرامه.
__________________
(١) هداية المسترشدين ٣: ٣٧٨.
(٢) في « ق » و « ش »: هي.
(٣) كذا، والأولى: على الرجوع.
(٤) في إيراده على الوجه الثاني، بقوله: والأولى أن يورد عليه بأنّ قضيّة إنّما هو الاحتياط....
(٥) الأولى أن يقال: للتمكّن من الرجوع إلى المعلوم الاعتبار تفصيلاً أو إجمالاً. ( منتهى الدراية ٤: ٥٤٩ ).
(٦) أورده الشيخ الأعظم في فرائد الأُصول ١: ٣٦٣ - ٣٦٤.